الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر.. تنسيق بين «القسام» والصليب الأحمر

أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية عيدان ألكسندر، وذلك اليوم الاثنين الموافق 12 مايو 2025، في خطوة وصفت بالمفاجئة وتأتي في ظل تعقيدات ميدانية وسياسية تشهدها الساحة الفلسطينية الإسرائيلية.
وجاء الإعلان على لسان الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، الذي نشر بيانًا مقتضبًا عبر قناته الرسمية على تطبيق «تلغرام»، أكد فيه قرار الإفراج عن الجندي المحتجز منذ أكتوبر من العام الماضي، دون أن يشير إلى تفاصيل الصفقة أو المقابل السياسي أو الإنساني لهذه الخطوة.
تنسيق مع الصليب الأحمر
في السياق ذاته، أفاد قيادي في كتائب القسام بأن الإفراج عن عيدان ألكسندر جرى بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي باشرت صباح اليوم ترتيبات ميدانية ولوجستية مكثفة في بعض المناطق داخل قطاع غزة تحضيرًا لإتمام العملية.
وأكدت مصادر مطلعة أن طواقم الصليب الأحمر رفعت من مستوى الجاهزية في عدد من النقاط المحورية داخل القطاع، تحسبًا لأي طارئ قد يطرأ خلال الساعات القليلة المقبلة، مشيرة إلى أن الاتصالات ما زالت جارية مع كافة الأطراف المعنية لتأمين عملية الاستلام والنقل بأمان.
خطوة إنسانية أم رسالة سياسية؟
الإفراج عن الجندي ألكسندر، الذي أسرته "حماس" خلال المعارك التي اندلعت في أعقاب عملية 7 أكتوبر 2023، يفتح الباب أمام تساؤلات بشأن دلالات التوقيت، خاصة مع ارتفاع وتيرة التفاوض غير المباشر في الآونة الأخيرة بين حماس وإسرائيل، بوساطات إقليمية ودولية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
ويرى مراقبون أن الخطوة قد تحمل رسالة إنسانية، خصوصًا وأن الجندي يحمل الجنسية الأمريكية، وقد يكون ذلك محاولة من «حماس» للضغط على الولايات المتحدة من زاوية أخلاقية لتكثيف جهودها للضغط على إسرائيل لوقف الحرب أو تخفيف الحصار عن غزة.
وفي المقابل، لم يصدر حتى اللحظة أي تعليق رسمي من الجانب الإسرائيلي بشأن عملية الإفراج أو طبيعة التفاهم الذي تم بموجبه إطلاق سراح الجندي، وهو ما يضفي مزيدًا من الغموض على خلفيات ودوافع القرار.
سياق سياسي معقد
ويأتي هذا التطور في وقت حرج، حيث يشهد قطاع غزة تصعيدًا عسكريًا متواصلًا، وسط تقارير عن عمليات برية متجددة في مناطق جنوبية، ومخاوف من انهيار المفاوضات الجارية في القاهرة والدوحة بين الأطراف المختلفة بشأن هدنة طويلة الأمد أو تبادل شامل للأسرى.
كما يأتي الإفراج بعد أيام فقط من إعلان الإدارة الأمريكية مضاعفة ضغوطها على الحكومة الإسرائيلية للقبول بصفقة تبادل واسعة تضمن الإفراج عن الرهائن مقابل هدنة طويلة، وهو ما رفضه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حتى الآن.
حماس وتكتيك الرسائل الفردية
وليست هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها كتائب القسام لإرسال رسائل فردية عبر الإفراج عن أسير أو عرض مقاطع مصورة لآخرين، إذ سبق أن استخدمت الحركة هذا الأسلوب للفت الأنظار إلى ملف الأسرى داخل سجون الاحتلال أو للمطالبة بالإفراج عن معتقلين فلسطينيين من النساء والأطفال.
وتبقى هوية الخطوة سواء كانت لفتة إنسانية أو جزءًا من تفاهم غير معلن رهنًا بالتطورات القادمة، خاصة في ظل سعي أطراف إقليمية كـ قطر ومصر لإحياء ملف المفاوضات وسط معطيات ميدانية متغيرة وتوترات سياسية إقليمية متصاعدة.
اختبارًا لردود الفعل الإقليمية والدولية
الإفراج عن عيدان ألكسندر قد يُعد اختبارًا لردود الفعل الإقليمية والدولية تجاه المبادرات الفردية من جانب «حماس»، خصوصًا مع تزايد الضغوط الأمريكية لإيجاد مخرج سياسي وإنساني للأزمة المتفاقمة في قطاع غزة.
ويرى محللون أن خطوة كتائب القسام قد تفتح نافذة جديدة للتفاوض، أو على الأقل تخفف من حدة الانتقادات الموجهة للحركة بشأن مصير الأسرى من الجنسيات الأجنبية.
كما يسلط القرار الضوء على دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تواصل لعب دور محوري في التنسيق الميداني والوساطة الإنسانية رغم التحديات الأمنية، ما يعزز مكانتها كطرف ضامن لأي خطوات إنسانية مستقبلية في النزاع القائم.