تمثيل مصر في قلب السينما الأفريقية.. «قصة الخريف» يحكي واقعنا بعيون فنية

«قصة الخريف».. أعلن مهرجان خريبكة الدولي للسينما الأفريقية، أحد أقدم وأبرز المهرجانات السينمائية في المغرب والقارة الأفريقية، عن اختيار فيلم «قصة الخريف» المصري لتمثيل مصر في دورته الـ25، التي ستقام في الفترة من 21 إلى 28 يونيو المقبل، ليعرض الفيلم فيها عرضًا عالميًا أولًا.
مهرجان خريبكة.. تاريخ عريق في دعم السينما الأفريقية
تأسس مهرجان خريبكة السينمائي عام 1977، ليكون من بين أقدم المنصات السينمائية في المغرب والعالم الأفريقي، ويأتي في المرتبة الثالثة بعد مهرجان أيام قرطاج السينمائية بتونس ومهرجان الفيسباكو في بوركينا فاسو.
لعب المهرجان عبر تاريخه دورًا بارزًا في تسليط الضوء على السينما الأفريقية وتقديمها للجمهور المحلي والدولي، مما جعله وجهة مهمة لصناع السينما الأفريقية الباحثين عن منصة لتقديم أعمالهم والتعريف بها.
تتميز دورات المهرجان بإشراك أعمال متنوعة من مختلف الدول الأفريقية، وتعزيز الحوار الثقافي والفني بين المبدعين والجماهير، كما أنه منبر هام لاكتشاف المواهب الجديدة في صناعة الأفلام.
«قصة الخريف».. فيلم درامي يجسد قصص الاغتراب والوحدة
يأتي فيلم «قصة الخريف» ليحمل بين ثناياه تجربة سينمائية متفردة تعكس جانبًا إنسانيًا عميقًا من خلال قصص متشابكة لشخصيات تنتمي إلى طبقات اجتماعية مختلفة، تلتقي في إطار من الاغتراب والوحدة، ما يجعل الفيلم دراسة بصرية لمشاعر معاصرة تؤثر على المجتمعات.
يضم الفيلم مجموعة كبيرة من النجوم المصريين، منهم يوسف عثمان، بثينة حجار، أشرف مهدي، عماد إسماعيل، ماري جرجس، ندى الشاذلي، سحر أبو العز، كارول العقاد، جودة رياض، هبة قناوي، وكريستين مجدي، الذين نجحوا في تجسيد الشخصيات بصدق وإتقان.
فريق العمل.. رحلة طويلة من الجهد والإبداع
الفيلم هو العمل الروائي الطويل الأول للمؤلف والمخرج كريم مكرم، الذي سبق له أن أخرج أفلامًا قصيرة وتسجيلية شاركت في مهرجانات محلية ودولية، ويعتبر «قصة الخريف» مشروعًا شخصيًا مهمًا في مشواره الفني.
استغرق العمل على الفيلم عدة سنوات، وتحديدًا 5 سنوات، نتيجة للتحديات الكبيرة التي تواجه الأفلام المستقلة، لا سيما في مجال التمويل والإنتاج.
تم الاعتماد في إنتاج الفيلم على جهود ذاتية كبيرة، حيث شارك فريق العمل في تخفيض أجورهم، كما قاموا بمجهودات كبيرة لضمان خروج العمل إلى النور رغم محدودية الدعم المالي.
ويُعتبر هذا التجربة شهادة على إصرار الفنانين المصريين على إنتاج أفلام تعبر عن قضايا مجتمعية عميقة برؤية فنية مبتكرة.
تفاصيل فنية وإبداعية تميز الفيلم
يبرز في الفيلم عدد من الجوانب الفنية التي تضيف عمقًا وجمالية للعمل، من بينها:
تصميم الملابس لأفنان زكريا غزالة، الذي ساهم في تحديد شخصية كل شخصية عبر الأزياء بما يعكس بيئتها الاجتماعية والنفسية.
مدير التصوير محمود لطفي، الذي أبدع في استخدام الإضاءة والزوايا لتصوير الأجواء المتنوعة التي تجسد الوحدة والاغتراب.
الإشراف الفني والديكور من قبل ياسر الحسيني، الذي صمم بيئات تليق بالقصص المتعددة داخل الفيلم.
تصحيح الألوان قام به عطية أمين، مما أضفى على الفيلم طابعًا بصريًا متناسقًا وجذابًا.
الموسيقى التصويرية التي وضعها يوسف صادق، وكانت إضافة درامية هامة تدعم الأجواء النفسية للأحداث.
مهندس الصوت ومصمم المكساج مهاب عز ومحمد صلاح، الذين عملا على إبراز التفاصيل الصوتية التي تخلق تجربة سينمائية متكاملة.
مونتاج داليا عطا الذي حافظ على تماسك الحبكة وروح الفيلم.
إنتاج الفيلم تم من خلال «آروو فيلم برودكشينز» بإشراف رفيق أنطون، كريم مكرم، وإيمان سمير فاضل، وتنفيذ «نيو بيكتشرز للإنتاج الفني» بقيادة شريف أبو هميلة.
رسالة الفيلم وتحديات الإنتاج
يطرح الفيلم رسالة إنسانية عميقة تتناول مواضيع الاغتراب والوحدة التي يعاني منها أفراد المجتمع من مختلف الطبقات الاجتماعية، وهو موضوع ذو حساسية بالغة في عالم اليوم الذي يشهد تغيرات اجتماعية وسياسية متلاحقة.
استطاع «قصة الخريف» أن يجسد هذه القضايا بشكل فني راقٍ، بعيدًا عن الكليشيهات، معتمداً على قوة التمثيل والسرد البصري.
على الرغم من كل التحديات، كان هناك إصرار من فريق العمل على إنجاز الفيلم، خاصة في ظل محدودية مصادر التمويل التي تعتمد بشكل كبير على صناديق دعم محلية ودولية نادرة في دعم الأفلام المستقلة، مما دفع الفريق إلى الاعتماد على جهود ذاتية وإبداع غير محدود.
مشاركة مصر في المهرجانات الأفريقية.. حراك فني مستمر
اختيار "قصة الخريف" لتمثيل مصر في مهرجان خريبكة الدولي للسينما الأفريقية يعكس استمرار مصر في الحفاظ على حضورها الفني المتميز في المهرجانات القارية والدولية، ويؤكد حرص صناع السينما المصريين على المشاركة بأعمال تعبر عن هموم المجتمع وأفكاره.
تعد هذه المشاركة فرصة هامة للفيلم لملاقاة الجمهور الإفريقي والعالمي، والتواصل مع صناع السينما من مختلف الدول، مما يعزز التعاون الثقافي ويحفز صناعة السينما المستقلة في مصر وأفريقيا.
نموذجًا متميزًا للسينما المصرية المستقلة
فيلم "قصة الخريف" يمثل نموذجًا متميزًا للسينما المصرية المستقلة، التي تواجه تحديات كبيرة لكنها تظل صامدة في تقديم أعمال فنية ذات قيمة عالية.
مشاركة الفيلم في مهرجان خريبكة الدولي للسينما الأفريقية تأكيد على جودة العمل وروح التعاون والإصرار لدى فريقه، وتفتح بابًا واسعًا أمام السينما المصرية لاستعراض مواهبها وقصصها التي تستحق أن تُروى في المحافل الدولية.