احذر هذا الخطأ الشائع.. لماذا يشكل العسل خطرًا على حياة الرضع؟

العسل من الأطعمة التي ارتبطت عبر العصور بالصحة والشفاء وتقوية المناعة، ولكن رغم فوائده الكثيرة التي لا يمكن إنكارها، إلا أن تقديم العسل للأطفال الرضع يُعد من «الأخطاء الشائعة» التي قد تُعرض حياة الطفل لخطر كبير، كثير من الأمهات والآباء يقعون في هذا الفخ بدافع الحب والحرص على تقديم الأغذية الطبيعية لأطفالهم، غير مدركين أن الجهاز الهضمي للرضيع لا يستطيع التعامل مع بعض مكونات العسل، ما يجعله مهددًا بالإصابة بمضاعفات صحية خطيرة قد تصل إلى الوفاة.

ما السر وراء خطورة العسل على الرضع؟

السبب الأساسي وراء التحذير من إعطاء العسل للرضع تحت عمر السنة هو احتمال تلوثه ببكتيريا تُعرف باسم «كلوستريديوم بوتولينيوم»، وهي نوع من الجراثيم التي قد تتواجد في التربة أو العسل الخام، وعند دخولها إلى أمعاء الرضيع، قد تُنتج سمًا عصبيًا يُعرف بـ«توكسين البوتولينوم» وهو المسؤول عن الإصابة بمرض «التسمم السجقي» أو «بوتيولزم الرضع»، هذا المرض نادر لكنه شديد الخطورة، حيث يؤثر على الجهاز العصبي ويؤدي إلى ضعف في العضلات وصعوبة في التنفس والرضاعة وربما الشلل.

ولأن الجهاز الهضمي للرضيع لم يكتمل نموه بعد، فإن «بيئة الأمعاء» تكون غير قادرة على مقاومة هذه البكتيريا أو منعها من التكاثر، في حين أن البالغين والأطفال الأكبر سنًا لديهم أمعاء ناضجة تحتوي على بكتيريا نافعة تستطيع مقاومة الميكروبات الضارة الموجودة في العسل أو غيره من الأطعمة.

أعراض التسمم الناتج عن العسل

تظهر أعراض «تسمم الرضع» الناتج عن تناول العسل عادة خلال 12 إلى 36 ساعة من استهلاكه، وقد تتضمن الأعراض: الإمساك، الخمول، ضعف في العضلات، ضعف في القدرة على المص، صعوبة في التنفس، وقلة الشهية، وفي بعض الحالات قد تزداد الأمور سوءًا وتصل إلى الدخول في غيبوبة أو الوفاة، وهذا ما يجعل الأمر في غاية الخطورة ويستدعي التدخل الطبي الفوري في حال الاشتباه بهذه الحالة.

من المهم أن تدرك كل أم أن تقديم العسل للرضيع ليس بالأمر البسيط، بل يمكن أن يكون «خطأ قاتلًا»، فالعديد من حالات التسمم التي رُصدت في الدول المختلفة كانت نتيجة لإعطاء الطفل العسل من دون معرفة بخطورة الأمر.

هل كل أنواع العسل خطيرة على الرضع؟

يعتقد البعض أن العسل العضوي أو المبستر أو المحلي الخاضع للرقابة الصحية يمكن أن يكون آمنًا للرضيع، إلا أن هذا غير صحيح، فحتى العسل المبستر لا يضمن خلوه من جراثيم البوتولينوم، خاصة أن هذه البكتيريا لا تؤثر على طعم أو رائحة أو شكل العسل، ولا يمكن اكتشافها بالملاحظة أو بالذوق.

وبالتالي فإن «جميع أنواع العسل» غير آمنة للرضع الذين تقل أعمارهم عن 12 شهرًا، ويجب تجنب استخدامها في الطعام أو الحليب أو حتى كمُحلٍّ طبيعي، مهما كانت درجة نقاء أو جودة هذا العسل.

متى يمكن إعطاء العسل بأمان؟

يُوصي الأطباء وخبراء التغذية بعدم تقديم العسل للرضع قبل عمر 12 شهرًا على الأقل، حيث يصبح الجهاز الهضمي أكثر قدرة على مواجهة البكتيريا والميكروبات، كما تبدأ الأمعاء في إنتاج الأحماض اللازمة لمكافحة السموم، وفي بعض الدول يُفضل تأجيل إدخال العسل إلى النظام الغذائي للطفل حتى عمر 18 شهرًا لضمان الأمان التام.

بدائل طبيعية لتحلية طعام الرضع

إذا كنتِ ترغبين في تحلية طعام رضيعك بطريقة طبيعية وآمنة، فيمكنكِ استخدام الفواكه المهروسة مثل الموز أو التفاح أو الكمثرى، فهي تُعد من البدائل الصحية التي تقدم طعمًا حلوًا دون تعريض الطفل لأي مخاطر صحية، ويُفضل دائمًا تجنب السكر الأبيض أو أي نوع من المُحليات الصناعية في غذاء الأطفال دون عمر السنتين، وفي كل الأحوال يبقى رأي طبيب الأطفال هو الفيصل قبل إدخال أي نوع جديد من الأطعمة إلى غذاء الطفل.

التوعية.. السلاح الأهم لحماية الأطفال

يبقى وعي الأمهات والآباء هو الدرع الأول لحماية الطفل من الأخطاء الشائعة، فتقديم العسل قبل الأوان ليس علامة على الرعاية بقدر ما هو نقص في المعرفة، فكل معلومة طبية صحيحة تنقذ حياة، وكل «خطوة غذائية مدروسة» تسهم في نمو صحي وسليم للطفل، لذلك فإن نشر الثقافة الصحية حول مخاطر العسل على الرضع هو أمر بالغ الأهمية، ويجب أن تتعاون فيه الجهات الصحية والمجتمعات والأسر.