السبت 31 مايو 2025 الموافق 04 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

جنكيز خان.. من طفل منبوذ إلى إمبراطور غير وجه العالم

جنكيز خان
جنكيز خان

جنكيز خان.. لم يكن أحد يتوقع أن الطفل «تيموجين»، الذي طُرد مع أسرته من قبيلته، وعاش سنوات الطفولة في الجوع والبرد القارس، سيتحول إلى أعظم فاتح في التاريخ، مؤسس الإمبراطورية المغولية، وأحد الشخصيات الأكثر تأثيرًا وجدلًا في مسيرة البشرية.

البداية باسم «تيموجين»

ولد جنكيز خان عام 1162 في سهوب منغوليا، وكان اسمه عند الولادة «تيموجين»، وهي كلمة تعني «الحداد» أو «من الحديد»، في إشارة إلى القوة والصبر والصلابة.

 وُلِد في عائلة تنتمي إلى قبيلة «بورجيغن»، وهي واحدة من القبائل المنغولية المتعددة التي كانت تعيش حياة بدوية مليئة بالصراعات على المراعي والمياه والنفوذ.

لكن حياة تيموجين لم تبدأ مستقرة، حيث قُتل والده «يسوغي» بالسم على يد خصوم سياسيين عندما كان تيموجين في التاسعة من عمره. 

وبدلًا من أن ترث الأسرة زعامة القبيلة، تخلى عنها حلفاؤها، وطُردت الأم مع أبنائها، لتعيش في فقر مدقع على أطراف القبيلة، وسط ظروف قاسية.

طفولة محفوفة بالخطر

في تلك البيئة العدائية، نشأ تيموجين محاطًا بالجوع والخوف. كان عليه أن يقاتل من أجل الطعام، ويواجه خصومات داخل عائلته وحتى من إخوته. 

وتروي كتب التاريخ أنه قضى فترة من حياته عبدًا لدى قبيلة منافسة، قبل أن ينجح في الهروب، ويبدأ رحلته لتكوين التحالفات وجمع الأنصار.

خلال فترة مراهقته، أظهر تيموجين مهارات قيادية لافتة، وتمكن من إقناع زعماء قبائل أخرى بالانضمام إليه، واكتسب شهرة كمحارب شرس لا يعرف الرحمة، لكنه في الوقت نفسه كان يُعرف بالعدل واحترام القوانين داخل معسكره، ما جعله محطّ ثقة المحاربين.

من زعيم قبيلة إلى "خان" العالم

بحلول عام 1206، كان تيموجين قد تمكن من توحيد معظم القبائل المنغولية المتفرقة، بعد حروب دموية ومعارك دامية.

 وفي ذلك العام، اجتمع زعماء القبائل في مجلس قبلي كبير يُعرف بـ«الكورولتاي»، حيث تم تتويجه رسميًا بلقب «جنكيز خان»، أي «الحاكم العالمي» أو «الخان الأعظم»، في إشارة إلى وحدته للقبائل تحت راية واحدة.

لم يكتفِ جنكيز خان بتوحيد القبائل، بل بدأ في تنفيذ خطة توسعية طموحة، سعى من خلالها إلى غزو الأراضي المحيطة وبناء إمبراطورية لا نظير لها.

جيش لا يُقهر

اعتمد جنكيز خان على جيش من المحاربين المدربين باحترافية، وكان تنظيمه العسكري صارمًا ودقيقًا. قسّم الجيش إلى وحدات صغيرة تُعرف بـ«العشرات» و«المئات»، وكان يتم تدريبهم على القتال في ظروف مناخية قاسية، إضافة إلى الاعتماد على الخيول كعنصر أساسي في التنقل والقتال.

تميزت حروب جنكيز خان بالقوة والسرعة والخداع العسكري، كما استعمل أدوات الحرب النفسية لبث الذعر في قلوب أعدائه، ما جعل الكثير من المدن تستسلم له دون قتال.

حدود لا تُصدق

بحلول وفاته في عام 1227، كانت أراضي جنكيز خان تمتد من سيبيريا شمالًا إلى التبت جنوبًا، ومن بحر الصين شرقًا حتى بحر قزوين غربًا، ولم يسبق لأي قائد قبله أن حكم تلك المساحات الشاسعة.

بعد وفاته، تولّى ابنه «أوقطاي خان» الحكم بلقب «الخاقان» أو «الخان الأعظم»، وتابع توسعة الإمبراطورية، التي وصلت لاحقًا في عهد حفيده «قوبلاي خان»  إلى أقصى اتساع، لتشمل الصين وكوريا وأجزاء من أوروبا الشرقية.

إرث لا يزال حاضرًا

ورغم السمعة العنيفة التي التصقت بجنكيز خان، إلا أن الباحثين يتفقون على أن تأثيره على العالم لا يمكن إنكاره.

 فقد أسس نظامًا قانونيًا موحدًا، وفتح طرق التجارة بين الشرق والغرب، وأطلق ثورة في النقل والمراسلات عبر آسيا، وأعاد رسم خريطة العالم.

في منغوليا اليوم، يُعد جنكيز خان بطلًا قوميًا، تُزين صورته العملات، ويحمل اسمه المطار الدولي، وتماثيله تنتشر في الساحات. وفي المقابل، لا تزال ذكراه تُثير الخوف والدهشة في بلدان عانت من غزواته.

وبينما يختلف المؤرخون في تقييم إرثه، يبقى جنكيز خان شخصية استثنائية خرجت من قلب المعاناة، لتصنع إمبراطورية غيّرت التاريخ، وما تزال آثارها تُدرّس حتى اليوم.

تم نسخ الرابط