الجمعة 27 يونيو 2025 الموافق 02 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

أنواع الصرع.. إشارات غامضة قد لا تربطها بالمرض أبداً | «الشرود» أبرزها

الشرود
الشرود

الصرع من الأمراض التي قد تُخفي نفسها خلف سلوكيات يومية تبدو عادية في ظاهرها، حيث لا يقتصر الصرع على الصورة النمطية المعروفة للتشنجات والسقوط المفاجئ، بل قد يظهر في هيئة «شرود مفاجئ» أو «فقدان مؤقت للتركيز» أو حتى «حركات لا إرادية خفيفة»، ما يجعل تشخيصه تحديًا حقيقيًا سواء للمريض أو لمن حوله، ويعتبر الصرع من أكثر «الاضطرابات العصبية» انتشارًا على مستوى العالم، حيث يعاني منه ملايين الأشخاص باختلاف أشكاله وأسبابه.

أنواع الصرع بين الشائع والنادر

تتنوع أنواع الصرع بشكل كبير حسب الجزء المتأثر من الدماغ وشدة النوبات ومدتها، وينقسم الصرع بشكل رئيسي إلى نوعين أساسيين، هما «الصرع الجزئي» و«الصرع العام».

الصرع الجزئي يُعرف أيضًا باسم الصرع البؤري، ويحدث عندما تنشأ النوبة من منطقة محددة في الدماغ، وغالبًا ما يكون الشخص واعيًا خلال النوبة أو يعاني من تغير طفيف في الوعي، من أبرز علاماته «الشرود الذهني» و«الشعور بأحاسيس غير مألوفة» مثل رائحة غريبة أو طعم غريب في الفم، كما قد تشمل النوبة بعض الحركات التلقائية مثل تحريك اليد أو تكرار الكلمات دون وعي.

أما الصرع العام فيشمل نشاطًا كهربائيًا غير طبيعي في جميع أنحاء الدماغ، وغالبًا ما يفقد المريض وعيه خلال النوبة، ويُعد النوع الأشهر منه هو «الصرع التوتري الارتجاجي» الذي يرافقه تشنجات قوية وسقوط مفاجئ، وهناك أيضًا «نوبات الغياب» والتي تُعرف بنوبات الشرود القصيرة وتستمر لبضع ثوانٍ فقط وقد تمر دون أن يلاحظها أحد.

إشارات لا تخطر على البال

من أبرز ما يجعل الصرع مرضًا غامضًا هو أن بعض أعراضه قد تكون «خادعة» أو غير واضحة على الإطلاق، فالشخص الذي يُصاب بنوبة صرعية قد يبدو ببساطة وكأنه «تائه الذهن» أو «غير مركز»، وتلك الأعراض لا تُربط غالبًا بالصرع، مما قد يؤخر التشخيص والعلاج.

من هذه العلامات المفاجئة، ما يُعرف بـ«الهالات الصرعية» وهي مجموعة من الأحاسيس التي تسبق النوبة مثل الشعور بالقلق أو الغثيان أو اضطرابات في الرؤية والسمع، كما أن بعض الأشخاص يعانون من نوبات تحدث أثناء النوم فقط دون إدراكهم، وقد تُفسر على أنها «كوابيس مزعجة» أو «تململ أثناء النوم».

وتشير الدراسات إلى أن «الإشارات العاطفية» مثل نوبات من «الضحك المفاجئ» أو «الخوف الشديد» قد تكون هي الأخرى جزءًا من صورة النوبات الصرعية، وهو ما يجعل المرض يتخفى أحيانًا خلف مظاهر لا علاقة لها بالمفهوم التقليدي للصرع.

كيف يتم التشخيص؟

يتطلب تشخيص الصرع فحصًا دقيقًا يبدأ برصد التاريخ الطبي للشخص والأعراض التي يمر بها، يلي ذلك استخدام تقنيات مثل «تخطيط كهربية الدماغ» (EEG) والذي يُظهر أنماط النشاط الكهربائي غير الطبيعي في الدماغ، كما يمكن الاستعانة بتصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي للكشف عن أي أسباب هيكلية محتملة للنوبات.

وقد يُطلب من المريض أو ذويه تسجيل «فيديو» للحظة حدوث النوبة إن أمكن، وذلك لأن الكثير من أنواع الصرع لا تظهر بوضوح في الفحوصات التقليدية ويُعتمد فيها بشكل كبير على الوصف التفصيلي للأعراض.

أهمية التوعية والتعامل المجتمعي

تُعد «وصمة الصرع» من أكثر العوائق التي يواجهها المرضى في مجتمعاتنا، فالكثيرون لا يدركون أن الصرع لا يؤثر على الذكاء أو القدرة على العمل والدراسة، وأن المصاب بالصرع يمكنه أن يعيش حياة طبيعية تمامًا إذا التزم بالخطة العلاجية المناسبة.

من المهم نشر الوعي بأن نوبات الصرع لا تستدعي دائمًا حالة طوارئ، كما أن «التصرف الصحيح» وقت النوبة يمكن أن ينقذ حياة المريض، حيث يجب الحفاظ على سلامته بوضعه في مكان آمن وإبعاده عن أي جسم قد يؤذيه، وتجنب إدخال أي شيء في فمه.

المخ 
المخ 

العلاج والسيطرة على المرض

يعتمد علاج الصرع على نوعه وشدته، وتشمل الخيارات «الأدوية المضادة للنوبات» والتي تنجح في السيطرة على النوبات في أغلب الحالات، وقد يحتاج البعض إلى «علاج جراحي» إذا لم تُفلح الأدوية في ضبط الحالة، وهناك أيضًا «أنظمة غذائية خاصة» مثل النظام الكيتوني والذي أثبت فعاليته في تقليل عدد النوبات لدى بعض المرضى وخاصة الأطفال.

التطور الطبي المستمر أتاح فرصًا أفضل للسيطرة على الصرع من خلال أجهزة تُزرع في الجسم لتنظيم النشاط الكهربائي أو تحفيز العصب المبهم، ما يمنح المرضى أملًا أكبر في حياة مستقرة دون نوبات مفاجئة.

دعم المريض نفسيًا واجتماعيًا

من الأهمية بمكان أن يحظى المصاب بالصرع بدعم نفسي متكامل، لأن التحديات اليومية التي يواجهها لا تقتصر على الجانب الصحي فقط، بل تشمل التحدي النفسي والخوف من حدوث النوبات في أماكن عامة أو في مواقف اجتماعية، ما قد يدفع بعض المرضى للعزلة أو الانسحاب من الأنشطة.

لذلك فإن تمكين المصاب بالصرع من الاندماج الكامل في المجتمع ودعمه عائليًا ومدرسيًا ووظيفيًا يسهم في تحسين جودة حياته، كما أن تعزيز ثقافة «التفهم بدلاً من الخوف» من مرض الصرع بين أفراد المجتمع يخلق بيئة أكثر إنصافًا للمرضى.

تم نسخ الرابط