الخميس 03 يوليو 2025 الموافق 08 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

خيانة وحصار وعمى.. النهاية القاسية لـ«عبد الفتاح القصري» أسطورة الكوميديا المصرية

الفنان عبد الفتاح
الفنان عبد الفتاح القصري

يعد الفنان الكبير عبد الفتاح القصري أحد أبرز رموز الكوميديا في تاريخ السينما المصرية، إذ ترك إرثا فنيا خالدا لا يزال محفورا في ذاكرة المشاهد العربي، رغم النهاية الحزينة التي عاشها في سنواته الأخيرة.

بدايات لامعة في بيت من ذهب

وُلد القصري في 5 أبريل 1905 بحي الجمالية في قلب القاهرة، وسط عائلة ميسورة الحال تعمل في تجارة الذهب.

 وعلى الرغم من رغبة والده في أن يسلك طريق العمل العائلي، فإن القصري اختار طريقًا آخر عشق فيه التمثيل، وتفرغ للفن بدعم من الفنان الكبير نجيب الريحاني.

التحق القصري بمدرسة «الفرير» الفرنسية وتخرج من مدرسة «القديس يوسف» بالخرنفش، وهو ما يفسر إجادته للغة الفرنسية، رغم أنه اشتهر في أعماله بشخصية «ابن البلد» الشعبي، ما يُعد دليلاً على قدرته التمثيلية الفريدة في تقمّص الشخصيات المختلفة.

لزمات خالدة ومواقف لا تنسى

برز القصري في أكثر من 70 فيلما سينمائيا، وكان علامة بارزة في أعمال إسماعيل ياسين ونجيب الريحاني.

 ومن أشهر أدواره على الإطلاق «المعلم حنفي» في فيلم «ابن حميدو»، إضافة إلى مشاهد كلاسيكية لا تنسى مثل مرافعته الكوميدية في «الأستاذة فاطمة»، ومشهد طلب العلاوة في «لو كنت غني»، إلى جانب ظهوره المميز في مشهد المجمع اللغوي مع إسماعيل ياسين.

اعتمد القصري في أدائه على كوميديا الموقف والكلمة والحركة، وابتكر «إفيهات» لا تزال حاضرة في الثقافة الشعبية اليومية، مثل «أنا كلمتي ما تنزلش الأرض أبداً» و«انتي جاية تشتغلي إيه؟ راقصة!».

مأساة على خشبة المسرح

في صيف عام 1962، أثناء تقديمه لأحد العروض المسرحية إلى جانب إسماعيل ياسين، صدم الجمهور حين صاح القصري قائلاً: «أنا مش شايف»، ليكتشف الجميع أنه فقد بصره على خشبة المسرح. 

وبينما ظن الجمهور أن الأمر جزء من العرض، أدرك إسماعيل ياسين الحقيقة وأمسك بيد صديقه ليصطحبه إلى المستشفى.

خيانة موجعة من أقرب الناس

ولم تقتصر مأساة القصري على فقدان البصر، بل تعرض لخيانة مؤلمة من زوجته الشابة، التي أجبرته على تطليقها ثم طلبت منه أن يشهد على زواجها من شاب بقال كان القصري قد رعاه لسنوات. 

وبلغت المأساة ذروتها حين أقامت طليقته مع زوجها الجديد في شقته، وتركته معزولًا في غرفة داخلها، حتى تدهورت حالته الصحية وأصيب بتصلب الشرايين وفقدان الذاكرة.

نقلته شقيقته إلى شقتها في حي الشرابية، حيث عاش أيامه الأخيرة في فقرٍ مدقع، يعاني من أمراض القلب والكلى والسكري.

جهود فنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

سعت الفنانة نجوى سالم، والفنانة القديرة ماري منيب إلى التواصل مع الجهات الرسمية لتقديم المساعدة، كما نجحت الفنانة هند رستم في إطلاق حملة تبرعات بين الفنانين لدعمه. وتم صرف معاش شهري له، ووفرت محافظة القاهرة له شقة بسيطة في منطقة الشرابية.

النهاية الحزينة

في 8 مارس 1964، أصيب عبد الفتاح القصري بغيبوبة سكر قاتلة نُقل على إثرها إلى مستشفى «المبرة»، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة. ورغم مكانته الفنية الكبيرة، لم يحضر جنازته سوى ستة أشخاص فقط.

ورحل القصري في صمت، لكن ضحكاته ما زالت تتردد في ذاكرة كل من شاهده، وإفيهاته ما زالت تعيش بين الناس، تؤكد أن الفنان لا يموت ما دام أثره باقيًا.

ورغم المأساة التي ختمت حياته، يبقى عبد الفتاح القصري واحدًا من أعمدة الكوميديا المصرية الخالدة، الذي قدم البهجة في زمن كانت فيه الضحكة عملة نادرة. 

وستظل أعماله وأدواره وأسلوبه المميز في الأداء الكوميدي مدرسة يتعلم منها الأجيال، وذكرى لا تُنسى في تاريخ الفن العربي.

تم نسخ الرابط