الأحد 29 يونيو 2025 الموافق 04 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الليثي في ذكرى رحيله.. بصمات إنتاجية غيرت شكل السينما المصرية

من فيلم للرجال فقط
من فيلم للرجال فقط

تحل اليوم الأحد 29 يونيو، الذكرى السنوية لرحيل المنتج الكبير جمال الليثي، أحد أبرز الأسماء التي رسخت حضورها في تاريخ السينما المصرية، ليس فقط من خلال الأعمال التي أنتجها، بل من خلال حسه الفني المرهف، وقدرته على التقاط لحظة النجاح وتحويلها إلى مشروع فني خالد.

على مدار قرابة عقدين من الزمان، كان جمال الليثي أحد اللاعبين الأساسيين في نهضة السينما، خاصة خلال فترة أواخر الخمسينيات حتى نهاية السبعينيات، وارتبط اسمه بعدد كبير من أبرز الأفلام، التي ما زالت محفورة في ذاكرة الجمهور المصري والعربي حتى اليوم.

من الإذاعة إلى قمة الإنتاج السينمائي

جمال الليثي لم يبدأ حياته في عالم الإنتاج، بل تخرج من كلية الحقوق عام 1953، وبدأ مسيرته كمذيع ثم كاتب سيناريو، حتى جذب انتباه المخرجين والمنتجين.

إلا أن طموحه قاده إلى تأسيس شركته الخاصة للإنتاج الفني، وكان يمتلك رؤية متقدمة، إذ لم يكن مجرد ممول للأعمال بل شريكًا إبداعيًا في اختيار القصص والأبطال والمخرجين، بل وحتى في إدارة الحملات الدعائية، مما جعله منتجًا «بمزاج سينمائي»، كما وصفه بعض النقاد.

«للرجال فقط».. حين اجتمع نجما الشباك في تجربة غير مسبوقة

واحدة من أشهر القصص التي توضح ذكاء جمال الليثي الفني، رواها الإعلامي عمرو الليثي، في كتابه «حكايات الليثي»، حيث تحدّث عن كيف استثمر والده نجاح النجمتين سعاد حسني ونادية لطفي، بعد تألق الأولى في فيلم «إشاعة حب» والثانية في «السبع بنات»، ليجمعهما في فيلم جديد بعنوان «للرجال فقط».

يقول عمرو الليثي: «رأينا كيف لمع نجم سعاد حسني بسرعة الصاروخ، وبالتزامن كانت نادية لطفي تشق طريقها بقوة، ففكر الأستاذ جمال في الجمع بينهما بعمل استثنائي»، وهكذا ولدت فكرة الفيلم، الذي استغل قصة جريئة ومبتكرة عن مهندستين تضطران للتنكر في زي رجال للعمل في الصحراء.

كواليس طريفة.. وذكريات لا تُنسى

بحسب ما يورده عمرو الليثي، كان والده يحرص على التواجد في مواقع التصوير بنفسه، واعتاد أن يداعب بطلتي الفيلم، فيحضر مع كل زيارة تصوير علبتين من الشوكولاتة الفاخرة، ويقول مبتسما: «أنا جايب شوكولاتة لناكر ونكير»، لترد عليه سعاد حسني بخفة دمها المعتادة: «أنا ناكر لأني اسمي هيكون الأول على الأفيش».

وتوالت المواقف الطريفة، منها يوم ذهبت النجمتان بصحبته إلى محل ترزي شهير لتفصيل بدلتين رجاليتين، فاحتشد الناس أمام المحل لرؤية نادية وسعاد، لدرجة تعذر دخولهم بسبب الزحام.

 وفي أحد أيام التصوير، اصطحب الليثي بطلتيه إلى مطعم سمك شهير بالهرم وهما ترتديان ملابس رجالية، وهو ما أربك صاحب المطعم اليوناني «خريستو» بشدة!

الفيلم.. رسالة تمكين نسوية قبل وقتها

فيلم «للرجال فقط»، الذي صدر عام 1964، لم يكن مجرد كوميديا اجتماعية، بل حمل بين سطوره رسالة نسوية واضحة، فقد ناقش بذكاء قضية تمييز العمل بين الجنسين، وسلط الضوء على كفاءة المرأة، وتحديها للقيود المجتمعية.

تدور أحداث الفيلم حول مهندستين كيميائيتين تجبران على التنكر كرجال للسفر في بعثة عمل بالصحراء للبحث عن آبار البترول، في ظل سياسة الشركة التي ترفض إرسال النساء لتلك المهام. 

وداخل الصحراء، تتوالى المفارقات والمواقف التي تكشف ذكاءهما وقدرتهما على إثبات الذات.

بصمات لا تنسى في ذاكرة السينما

جمال الليثي لم يتوقف عند إنتاج «للرجال فقط»، بل ساهم في تقديم عشرات الأفلام التي صنعت نجومية رشدي أباظة وفاتن حمامة وشادية وعبد الحليم حافظ ونادية لطفي وماجدة وغيرهم من كبار نجوم الزمن الجميل.

أنتج أفلامًا شهيرة مثل «الخطايا» و«أبي فوق الشجرة» و«الحب الضائع» و«شيء في صدري» و«ثلاث قصص»، وكان له تأثير في صناعة السينما ليس فقط عبر الأعمال، بل عبر تطوير أساليب الإنتاج والتوزيع والعرض.

في الختام.. المنتج الذي فهم الجمهور

في ذكرى رحيله، لا يمكن الحديث عن جمال الليثي دون الإشارة إلى فهمه العميق للجمهور، وقراءته الدقيقة لاحتياجات السوق السينمائي. 

كان يمتلك حِس المنتج الذي لا يفرض ذوقه فقط، بل يحترم المتفرج ويقدم له ما يلامس وجدانه.

رحل جمال الليثي بجسده، لكنه بقي حاضرًا في تاريخ الفن المصري بأعماله وذكائه وصدقه الفني، والسينما، كما يقول المخرجون الكبار، لا تحفظ إلا المخلصين، وجمال الليثي كان أحدهم.

تم نسخ الرابط