«الإفتاء»: الزواج بامرأة واحدة هو الأصل في الشريعة الإسلامية

الإفتاء المصرية أكدت مجددًا أن الأصل في الشريعة الإسلامية هو «الزواج بامرأة واحدة»، وأن تعدد الزوجات ليس هو القاعدة كما يظن البعض وإنما هو استثناء تبيحه الضرورة في بعض الحالات الخاصة، وجاء هذا التوضيح في سياق ما صرح به الشيخ هشام ربيع «أمين الفتوى» بدار الإفتاء المصرية عبر منشور على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك حيث استعرض خلاله المفهوم الصحيح لتعدد الزوجات كما ورد في المصادر الشرعية وعلى لسان كبار علماء الأزهر عبر التاريخ.
التعدد ليس قاعدة وإنما ضرورة مشروطة
أكد الشيخ هشام ربيع أن تعدد الزوجات في الإسلام جاء استثناءً لأوضاع بعينها وليس قاعدة يُبنى عليها الزواج، وأشار إلى أن الشيخ المراغي في تفسيره المعروف قال إن التعدد من «الأمور النادرة التي تدعو إليها الضرورة»، وهو بذلك رد واضح على المفهوم الخاطئ المنتشر في المجتمع بأن الإسلام يشجع التعدد في كل الأحوال، موضحًا أن هذا غير صحيح لأن الأصل هو الإفراد بزوجة واحدة.
وأوضح «أمين الفتوى» أن استخدام البعض لمصطلح التعدد بطريقة خاطئة داخل المجتمع يُعَد تشويهًا لحكمة الإسلام من إباحته، فالتعدد لم يُشرع من أجل التسلط أو الانتقام أو إيذاء المرأة أو إهانتها، وإنما جاء تلبية لحاجة قائمة في المجتمع لحماية الأفراد من الوقوع في المحرمات وتحقيقًا للعدالة الاجتماعية في بعض الحالات الخاصة التي يصعب معها الاكتفاء بزوجة واحدة.
الإفتاء تؤكد على ضوابط التعدد الأخلاقية
بيّن الشيخ هشام ربيع أن الإسلام لم يُوجب التعدد وإنما أباحه بشروط واضحة وأخلاقية، موضحًا أن من لا يلتزم بهذه الشروط يعود تلقائيًا إلى الأصل وهو الزواج بامرأة واحدة فقط، وشدد على أن التعدد في الإسلام محاط بسياج من الضمانات الأخلاقية والشرعية، حيث لا يجوز للرجل أن يتزوج أكثر من واحدة إلا إذا كان قادرًا على تحقيق العدل بينهن في المعاملة والنفقة والمبيت، وأن عدم القدرة على تحقيق هذا العدل يجعل التعدد ظلمًا محرمًا شرعًا.
ودعت الإفتاء من خلال هذا البيان إلى ضرورة توخي الدقة في نقل المفاهيم الدينية المرتبطة بالأسرة والزواج، خاصة في ظل ما تشهده بعض منصات التواصل من خلط وتشويه لأحكام الإسلام المتعلقة بحقوق المرأة والأسرة.
داعية إسلامية: الأصل في الزواج هو زوجة واحدة
من جانبها قالت الدكتورة دينا أبو الخير الداعية الإسلامية إن الكثير من الرجال يفهمون خطأً أن الأصل في الدين هو التعدد بينما الحقيقة الشرعية أن الأصل في الزواج هو الاكتفاء بزوجة واحدة، مؤكدة أن التعدد «مباح» وليس «واجبًا» وأن المسلم غير مُلزم بالزواج من أكثر من امرأة.
وفي حديثها ببرنامج “وللنساء نصيب” المذاع على قناة صدى البلد أوضحت أبو الخير أن من يستدل بالتعدد كتشريع عام يجهل فلسفة التشريع الإسلامي، مشيرة إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم عاش شبابه مع السيدة خديجة رضي الله عنها وحدها ولم يتزوج عليها حتى توفيت، وهذه الفترة الطويلة التي قضاها النبي مع زوجة واحدة هي في حد ذاتها رد كافٍ على من يعتقد أن التعدد هو الأصل.
زيجات النبي لها أبعاد إنسانية لا ترتبط برغبات شخصية
تابعت دينا أبو الخير في حديثها أن زيجات النبي بعد السيدة خديجة كانت لها أسباب اجتماعية وإنسانية ودينية تتعلق بتثبيت الدعوة ومراعاة أحوال النساء الأرامل أو المطلقات أو كبار السن، وأنه لم يتزوج امرأة بكرًا سوى السيدة عائشة رضي الله عنها، كما أن كل زيجة من زيجات النبي كانت لها خلفية تختلف عن غيرها، ولم تكن بدافع الرغبة كما يُصوّر البعض ممن يتربصون بالإسلام.
وأكدت الداعية أن كل امرأة تزوجها النبي كان لها وضع اجتماعي أو ظرف خاص اقتضى الزواج بها، مشيرة إلى أن فهم هذا السياق التاريخي والشرعي ضروري للرد على المستشرقين والمنتقدين الذين يستخدمون التعدد كسلاح للهجوم على الشريعة الإسلامية.
دعوة لتصحيح المفاهيم الخاطئة حول التعدد
دعت الإفتاء وقيادات دينية عديدة إلى ضرورة تصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بقضية التعدد، وعدم استخدام الدين كوسيلة لتبرير تصرفات تتنافى مع مقاصده العليا، وأشارت الإفتاء إلى أن استخدام الرجال لحق التعدد دون مراعاة الشروط الشرعية يسبب خللًا اجتماعيًا ويهدد استقرار الأسرة، وهو ما يتعارض مع القيم الإسلامية التي تؤكد على الرحمة والمودة والعدل بين الزوجين.
التعدد لا يُمارس إلا لمن يستطيع العدل الكامل
أكدت الإفتاء أن من أهم الشروط التي وضعتها الشريعة لمن أراد الزواج بأكثر من واحدة هي القدرة على تحقيق «العدل الكامل»، وهو أمر ليس بالسهل كما يظن البعض، فالله تعالى يقول في كتابه الكريم: «فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة»، وهذه الآية تحمل دلالة قاطعة على أن العدل شرط أساسي وأن الأصل هو الزواج بواحدة، وهو ما يعيدنا إلى القاعدة الراسخة في الفقه الإسلامي بأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والعدل هنا شرط لا يمكن تجاوزه.
دعوة للمجتمع للعودة إلى فهم مقاصد الشريعة
دعت الإفتاء المصرية جميع أفراد المجتمع إلى العودة للفهم الرشيد والمتوازن لأحكام الإسلام، وعدم الانسياق وراء المظاهر الشكلية للنصوص دون فهم مقاصدها وروحها، مؤكدة أن الشريعة الإسلامية جاءت لبناء الأسر لا لتفكيكها، ولتحقيق العدالة لا الظلم، ولإعلاء الرحمة والمودة فوق كل اعتبار.