السبت 22 نوفمبر 2025 الموافق 01 جمادى الثانية 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

أزمات تاريخية تكشف كواليس صدام سعد زغلول والسير لي ستاك

سعد زغلول
سعد زغلول

سعد باشا زغلول.. في مثل هذا اليوم، 22 نوفمبر من عام 1924، شهدت مصر واحدة من أخطر الأزمات السياسية في تاريخها الحديث، ففي أعقاب اغتيال القائد البريطاني البارز، قام المندوب السامي البريطاني، اللورد إدموند اللنبي، بتوجيه إنذار قاسٍ وشديد اللهجة إلى حكومة الأغلبية المصرية برئاسة الزعيم الوطني سعد باشا زغلول.

شمل الإنذار البريطاني مجموعة من المطالب التي تمس السيادة المصرية، لعل أبرزها ما يتعلق بمستقبل السودان، وهو ما أدى في النهاية إلى استقالة سعد زغلول احتجاجاً على هذا «الضغط المهين».

جريمة هزت العاصمة: اغتيال السير لي ستاك

تعود جذور الأزمة إلى حادث اغتيال مروع وقع قبل يومين من الإنذار، حيث استهدف الهجوم شخصية بريطانية رفيعة المستوى:

الضحية: السير لي ستاك، الذي كان يشغل منصب سردار الجيش المصري وحاكم السودان العام إبان فترة الاحتلال البريطاني المصري المشترك (الحكم الثنائي).

تفاصيل الحادث: في يوم 20 نوفمبر 1924، قامت مجموعة من «الشباب المصري» بإلقاء قنبلة على موكب السير لي ستاك أثناء خروجه من مكتبه في وزارة الحربية متوجهاً إلى بيته في الزمالك

لم يقتصر الهجوم على القنبلة، بل أُطلقت عليه سبع رصاصات، ما أدى لإصابته بجرح خطير في بطنه، فضلاً عن إصابة الياور والسائق.

رد فعل الحكومة: وضع هذا الحادث حكومة سعد زغلول باشا في مأزق بالغ، مما دفعه إلى الإدلاء بتصريح رسمي «يدين الحادث» بشدة.

الوفاة وتصاعد الموقف: في 21 نوفمبر، توفي السردار متأثراً بجراحه، ما زاد الموقف اشتعالاً. وسارعت الحكومة المصرية إلى إعلان مكافأة قدرها عشرة آلاف جنيه لمن يرشد البوليس عن الجناة، في محاولة لامتصاص الغضب البريطاني.

إنذار اللنبي: مطالب لا يمكن القبول بها

بعد وفاة السير لي ستاك مباشرة، توجه المندوب السامي البريطاني اللورد اللنبي إلى دار رئاسة الوزراء، وقابل رئيس الحكومة سعد زغلول باشا، مقدماً إليه البلاغ الرسمي البريطاني الذي تضمن مجموعة من المطالب التعسفية، حسبما جاء على الموقع الرسمي للهيئة الوطنية للإعلام:

أبرز مطالب الإنذار البريطاني

المطالبة بالاعتذار الرسمي من الحكومة المصرية.

المتابعة الفورية للجناة وتقديمهم للعدالة.

منع كل المظاهرات الشعبية السياسية في البلاد.

دفع غرامة مالية ضخمة قدرها نصف مليون جنيه إسترليني.

إصدار الأوامر بإرجاع جميع الوحدات المصرية من السودان (الانسحاب الكامل).

إبلاغ المصلحة المختصة بأن حكومة السودان ستزيد مساحة الأطيان التي تزرع في الجزيرة بالسودان من 300,000 إلى عدد غير محدود (إضرار بالمصالح المائية المصرية).

الرد المصري: التضحية بالمنصب من أجل السيادة

واجهت حكومة سعد زغلول هذا الإنذار الذي اعتُبر مساساً صارخاً بالسيادة الوطنية، خاصة فيما يتعلق بملف السودان.

القبول المشروط: وافقت الحكومة المصرية على جميع المطالب البريطانية باستثناء ما يتعلق بـ «سحب القوات المصرية من السودان»، نظراً للأهمية الاستراتيجية والتاريخية لهذا الملف بالنسبة لمصر (الحكم الثنائي).

الإصرار البريطاني والاستقالة: لما أصر البريطانيون على تنفيذ جميع مطالبهم بالكامل، استقال سعد زغلول باشا احتجاجًا على هذا الموقف، مفضلاً التضحية بمنصبه على قبول الإملاءات التي تنتقص من حقوق مصر في وادي النيل.

الخضوع الجزئي: في 24 نوفمبر، وفي رد مصري سريع على بلاغ الحكومة البريطانية، صدرت أوامر بترحيل القوات المصرية من السودان، كما استقالت الحكومة السعدية وتم حل البرلمان، في مؤشر واضح على عمق الأزمة.

مصير الجناة: أحكام بالإعدام شنقاً

بعد أشهر من الحادث، تمكنت السلطات من القبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة:

المحاكمة: في 13 مايو عام 1925، تم تقديم تسعة متهمين للمحاكمة بتهمة اغتيال السير لي ستاك.

الأحكام: في 8 يونيو 1925، صدرت الأحكام على المتهمين الثمانية الأوائل بالإعدام شنقاً، والحبس سنتين مع الشغل للسائق. 

وقد شكلت هذه الأحكام نهاية دامية لواحدة من أبرز الحوادث التي رسمت ملامح الصراع الوطني المصري ضد الاحتلال في تلك الفترة.

تم نسخ الرابط