مع عرض برنامج دولة التلاوة.. نصائح لحب الطفل القرآن
القرآن الكريم يمثل قلب التعليم الديني وأساس التربية الروحية في حياة الطفل، ويُعد تعزيز حبه منذ الصغر من أهم الأسس التي تساهم في بناء شخصية متوازنة وواعية، وقد أظهر «برنامج دولة التلاوة» التلفزيوني الديني تأثيرا إيجابيا في تعزيز ارتباط الأطفال بكتاب الله وتلاوته، حيث يقدم البرنامج تلاوات رائعة من أصوات مميزة ويثير في نفوس المشاهدين حب الاقتراب من القرآن وتشجيع الصغار على الاهتمام به منذ سن مبكرة، وقد شهد البرنامج صدى واسعا بين الأسر التي ترى فيه وسيلة تربوية هادفة تدعم علاقة الطفل بالقرآن الكريم وتزيد من تقديره وإعجابه به.
تأثير القرآن في شخصية الطفل
يُعد الاهتمام بحفظ القرآن وفهمه من أهم الممارسات التربوية التي تساهم في بناء الطفل بشكل متكامل، حيث أوضح الدكتور تامر شوقي أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس أن حفظ القرآن الكريم يساعد الطفل على اكتساب «حصيلة لغوية» واسعة من الكلمات والمعاني، كما يسرّع من نمو قدراته العقلية، خاصة مهارات الحفظ والفهم والتمييز بين المعلومات، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على تحصيله الدراسي في المواد التعليمية الأخرى، ويبرز هذا التأثير التربوي في زيادة قدرة الطفل على التركيز والانتباه في مختلف الأنشطة التعليمية التي يشارك فيها، مما يعزز ثقته بنفسه ويشجعه على الاستمرار في التعلم والتفاعل مع محيطه الاجتماعي والدراسي.
كما يمتد تأثير القرآن إلى الجانب القيمي والسلوكي للطفل، حيث يُنمّي احترام الكبار، والانتماء للوطن، ويعزز الثقة بالنفس وتحقيق الذات، وتُظهر الدراسات أن الأطفال الذين يواظبون على حفظ القرآن يتميزون بصفات إيجابية مثل الاتزان النفسي والتوازن في علاقاتهم الاجتماعية مع الآخرين، فضلا عن قدرتهم على استثمار وقتهم في أنشطة مفيدة وهادفة بدلا من الانغماس في عادات غير مفيدة، مما يجعل علاقة الطفل بالقرآن إحدى الركائز الأساسية في تنشئته وتنمية شخصيته بشكل سليم.
دور برنامج دولة التلاوة في تعزيز حب القرآن
أثبت «برنامج دولة التلاوة» أنه أكثر من مجرد برنامج مسابقات تلفزيوني، بل هو منصة دينية وتربوية تُسهم في نشر ثقافة القرآن وتشجيع الأطفال على تقليد القرّاء المميزين والاستفادة من تجارب أقرانهم، فقد جذب البرنامج انتباه الأسر والأطفال بأداءات خاشعة وأصوات مبدعة في تلاوة القرآن، مما يخلق بيئة مشوقة ومحفزة للأطفال على الاقتراب من النص القرآني ومحاولة حفظه وتعلم قواعد تلاوته الصحيحة.
ويشجع البرنامج الأطفال على الانخراط في مسابقات القرآن وتقديم أداءهم أمام لجنة تحكيم تشجعهم وتمنحهم الثقة، وهذا النوع من التنافس الإيجابي يعزز الشعور بالفخر لدى الطفل عند نيله تقديرا وحضور الجمهور، مما يقوي ارتباطه بالقرآن ويجعله يشعر بأن هذا الكتاب ليس مجرد نص ديني فقط، وإنما مصدر للإلهام والنجاح والتحفيز الذاتي، ويشجع الأسر على دعم أبنائهم في مسيرتهم القرآنية وتشجيعهم على المواظبة والمداومة على تلاوته.
نصائح لتعزيز حب القرآن في نفس الطفل
يقدم الخبراء مجموعة من النصائح العملية للوالدين بهدف تعزيز حب القرآن في نفس الطفل، ومنها تعويد الطفل على الاستماع إلى القرآن الكريم باستمرار، حتى يصبح صوت القرآن جزءا من حياته اليومية ويبدأ الطفل في تقليد القرّاء وإعطاء اهتمام أكبر لمعاني الآيات، كما يمكن تقديم تفسيرات مبسطة وممتعة لمعاني الآيات بما يتناسب مع عمر الطفل حتى يشعر بالفهم والارتباط العاطفي بما يسمعه.
كما يُنصح بعرض قصص القرآن بأسلوب قصصي شيق وسهل، لأن القصص تحمل دروسا تربوية وأحداثا ممتعة تجذب انتباه الطفل وتجعله يشعر بأن القرآن مليء بالحكايات الجميلة التي يمكنه الاستفادة منها في حياته اليومية، ويمكن تحفيز الطفل من خلال المكافآت والتشجيع عند حفظ أجزاء من القرآن، مما يعزز الدافع لديه للاستمرار في تعلّم المزيد من الآيات وترديدها بفخر واعتزاز.
وينصح الخبراء باختيار أصوات قرّاء مميزة وعذبة تجذب انتباه الطفل، حيث إن الصوت الجميل قد يجعل الطفل يشعر بالراحة والتعلق أثناء الاستماع ويزيد من رغبته في ترديد الآيات، كما يمكن تشجيع الطفل على الاشتراك في المسابقات القرآنية وتقديم جوائز تحفيزية له عندما يحقق تقدما، لأنه بذلك يشعر بأن جهده وتعلّمه للقرآن محط تقدير وتشجيع من محيطه، مما يزيد ارتباطه بهذا الكتاب الكريم.
كيف تجعل تلاوة القرآن جزءا من الروتين اليومي للطفل
لجعل القرآن جزءا لا يتجزأ من حياة الطفل، يُنصح بإدماج أنشطة القرآن في الروتين اليومي، مثل تخصيص وقت محدد في الصباح أو المساء للاستماع إلى تلاوة القرآن أو محاولة حفظ آيات جديدة، ويمكن أن تكون هذه اللحظات مشتركة بين الأسرة كلها، مما يعزز شعور الطفل بأن القرآن ليس واجبا فرديا فقط، بل هو شغل جماعي يشارك فيه الأبوان والإخوة، وهذا الشعور الجماعي يعزز التفاعل الإيجابي ويجعل الطفل يشعر بالانتماء والدفء أثناء ممارسة القرآن.
كما يمكن تنظيم جلسات منزلية صغيرة لتلاوة القرآن بين أفراد الأسرة، أو تشجيع الطفل على ترديد الآيات التي يسمعها في برنامج «دولة التلاوة» مما يزيد من رغبته في تطوير أدائه وتحسين نطق التجويد، فوجود قدوة حقيقية أمام الطفل يشجعه على الاقتداء بها ومحاولة تحسين قدراته.
علاقة الطفل بالقرآن على المستقبل
عندما يشعر الطفل بحب القرآن منذ الصغر، فإن هذا الحب يرافقه في مختلف مراحل حياته، ويكون ذا أثر إيجابي على السلوك والقيم والأخلاق، فيجعله أكثر قدرة على التعامل مع تحديات الحياة بثقة وطمأنينة، فالإحساس بالارتباط الروحي بالقرآن يمنح الطفل إحساسا بالسكينة والطمأنينة في الأوقات الصعبة، ويجعله يعتمد على القرآن كمرجع للدعم النفسي والمعنوي في حياته اليومية.
وبالتالي فإن تعزيز حب القرآن في نفس الطفل لا يقتصر على فترة الطفولة فقط، بل يمتد تأثيره ليشمل السنوات القادمة من حياته، ويجعله أكثر قدرة على التفاعل الإيجابي مع المجتمع من حوله، ويزيد من إحساسه بالواجب تجاه دينه ووطنه.



