«التغذية في الحج».. كيف تحافظ على طاقتك دون أن تجهد معدتك؟

يعد «الحج» من أعظم العبادات التي يجتمع فيها البُعد الروحي مع الجهد البدني المكثف، ومن ثم فإن الحفاظ على الصحة الجسدية من خلال التغذية المتوازنة أمر لا غنى عنه، إذ أن «الحاج» يؤدي مناسك متعددة ومتتالية تتطلب حركة مستمرة وجهداً بدنياً لا يستهان به، وفي خضم هذه المهام الجسدية والروحانية، يقع كثير من الحجاج في خطأ إهمال التغذية السليمة أو الإفراط في تناول الطعام بشكل غير مدروس مما يؤدي إلى «إجهاد المعدة» وربما يعرقل استكمال المناسك بسهولة ويسر.

وجبات الحاج.. بين الكفاية وعدم التخمة

من أبرز التحديات التي تواجه الحاج في موسم «الحج» هي اختيار الوجبات المناسبة من حيث الكم والنوع، إذ أن طبيعة التنقل والإقامة المؤقتة قد تدفع بعض الحجاج إلى الاعتماد على الأطعمة الجاهزة أو الوجبات السريعة التي قد تكون غنية بالدهون والسكريات وقليلة الفائدة الغذائية، في حين أن الجسم خلال «الحج» يحتاج إلى وجبات توفر له الطاقة دون أن تسبب له مشاكل هضمية أو تخمة تعيق الحركة.

ويُنصح بأن تشتمل وجبات الحاج على «الكربوهيدرات المعقدة» مثل الأرز البني أو الشوفان أو الخبز الأسمر، إلى جانب «البروتينات الخفيفة» مثل الدجاج المشوي أو السمك أو البيض المسلوق، مع تقليل استهلاك اللحوم الحمراء أو الأطعمة الدسمة التي يصعب هضمها خاصة في ظل الحرارة المرتفعة والمجهود البدني المتواصل.

الفواكه والخضروات.. ذخيرة الحاج اليومية

تكمن أهمية الفواكه والخضروات في موسم «الحج» في أنها تمد الجسم بـ«الفيتامينات» و«الألياف» الضرورية التي تحسن من عملية الهضم وتمنع الإمساك وتدعم جهاز المناعة، لذا فإن الحرص على تناول ثمار مثل الموز والتفاح والبرتقال والخيار والطماطم بشكل يومي يعد عاملاً مساعداً للحفاظ على النشاط والتوازن الغذائي.

كما أن «الخضروات الورقية» مثل الخس والجرجير غنية بالعناصر التي تمنح الجسم الترطيب الطبيعي، وهي مفيدة خصوصاً في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال موسم «الحج»، كما يمكن للحاج تناول السلطة الخضراء في وجبتي الإفطار أو العشاء بدلاً من اللجوء إلى أطعمة مشبعة تضر أكثر مما تنفع.

السوائل.. خط الدفاع الأول ضد التعب

«الترطيب» هو أحد أهم أسرار البقاء نشطاً ومتوازناً خلال موسم «الحج»، فالجسم في هذه الظروف يفقد كميات كبيرة من السوائل نتيجة التعرق المفرط والحركة المتواصلة، لذا ينبغي على الحاج شرب كميات كافية من الماء على مدار اليوم، بمعدل لا يقل عن 2 إلى 3 لترات يومياً حسب درجة الحرارة.

كما أن بعض «المشروبات الطبيعية» مثل عصير الليمون الطازج أو ماء جوز الهند أو منقوع النعناع البارد يمكن أن تساهم في ترطيب الجسم وتخفيف الشعور بالإرهاق دون اللجوء إلى المشروبات الغازية أو المحلاة التي قد تزيد من الجفاف وتضر بالصحة.

متى يأكل الحاج؟ توقيت الوجبات مهم أيضاً

إلى جانب نوعية الطعام، فإن توقيت الوجبات خلال «الحج» لا يقل أهمية عن محتواها، فالحاج بحاجة إلى توزيع الوجبات بطريقة تمنحه الطاقة قبل أداء المناسك دون أن يشعر بالتخمة، لذا يفضل تناول وجبة خفيفة تحتوي على مصدر للطاقة قبل الطواف أو السعي، مثل التمر أو حفنة من المكسرات النيئة.

وبعد الانتهاء من الشعائر، يمكن تناول وجبة أكثر اكتمالاً تحتوي على العناصر الأساسية مع تجنب الإفراط في الطعام، ويُنصح بجعل وجبة العشاء خفيفة وسهلة الهضم لتجنب مشاكل الجهاز الهضمي أثناء النوم.

نصائح غذائية سريعة للحجاج

لكي يحظى الحاج بصحة جيدة وتمكنه من أداء المناسك دون تعب أو إجهاد معدي، عليه مراعاة بعض النصائح البسيطة والفعالة، مثل:

غسل اليدين جيداً قبل الأكل وبعده لتجنب العدوى

الابتعاد عن الأطعمة المكشوفة أو غير المضمونة المصدر

تناول الطعام في مكان مظلل وهادئ لتجنب الإرهاق الحراري

عدم تجربة أطعمة جديدة قد تؤدي إلى اضطراب المعدة

مضغ الطعام جيداً وتناول الطعام ببطء لتسهيل الهضم

حفظ الطعام في أوعية محكمة وتبريده إذا لزم الأمر لمنع فساده

تغذية متوازنة تساوي حج آمن

«الحج» لا يقتصر فقط على العبادة الروحية، بل هو أيضاً تجربة بدنية تتطلب استعداداً غذائياً حكيماً، فالحاج الواعي بتغذيته هو من يستطيع أن يؤدي المناسك بنشاط وراحة دون أن يشعر بالإرهاق أو يتعرض لمشاكل صحية قد تعكر صفو هذه الرحلة المقدسة.

الالتزام بـ«نمط غذائي متوازن» و«شرب السوائل بانتظام» وتناول «الأطعمة الصحية» يمكن أن يصنع فرقاً كبيراً في جودة تجربة «الحج»، ويحولها إلى رحلة روحانية وجسدية متكاملة تحقق الغاية وتترك الذكرى الطيبة في قلب وروح كل حاج.