91 عاما على ميلاد زهرة العلا.. أيقونة الأنوثة والرقي في السينما المصرية

91 عاما تمر اليوم على ميلاد واحدة من أنضر وأجمل الوجوه التي عرفتها السينما المصرية في القرن العشرين، الفنانة الراحلة زهرة العلا، التي ولدت في 10 يونيو 1934، وسكنت ذاكرة الجمهور بأعمال خالدة وجمال هادئ وأداء راق ترك بصمة لا تُنسى.
نشأة في الإسكندرية وبداية مبكرة للفن
وُلدت زهرة العلا محمد بكير رسمي في محافظة الإسكندرية، ونشأت في حي محرم بك، وسط أسرة من الطبقة المتوسطة، وكانت منذ صغرها مولعة بالفن، الأمر الذي دفعها إلى الانضمام للمعهد العالي للفنون المسرحية بعد انتقالها إلى القاهرة.
تخرجت زهرة العلا في المعهد عام 1951، وبدأت مشوارها الفني من المسرح، ثم سرعان ما جذبت أنظار المخرجين السينمائيين الذين رأوا فيها ملامح البطلة الرومانسية الهادئة التي كانت مطلوبة بشدة في تلك الحقبة الذهبية من السينما.
انطلاقتها السينمائية ونجاح متصاعد
انطلقت مسيرتها السينمائية بقوة في منتصف الخمسينيات، حيث شاركت في فيلم «أيامنا الحلوة» عام 1955، أمام عبد الحليم حافظ وعمر الشريف وفاتن حمامة، ثم قدمت دورا لافتًا في فيلم «رد قلبي» عام 1957، وهو الفيلم الذي جمعها بالممثل صلاح ذو الفقار، والذي تزوجته لفترة قصيرة قبل انفصالهما.
ومع مطلع الستينيات، تحولت زهرة العلا إلى وجه أساسي في معظم الأعمال السينمائية، خصوصا تلك التي كانت تجمع بين الرومانسية والدراما الاجتماعية، فكان حضورها على الشاشة يتميز بالرقة والرقي والتمثيل الصادق.
«دعاء الكروان» و«سواق الأتوبيس».. بصمات لا تُمحى
من أبرز محطاتها السينمائية مشاركتها في فيلم «دعاء الكروان» عام 1959، أمام فاتن حمامة وأحمد مظهر، من إخراج هنري بركات، وهو أحد الأفلام التي دخلت قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية حسب استفتاء النقاد عام 1996.
وفي مرحلة النضج الفني، قدمت واحدًا من أعمق أدوارها في فيلم «سواق الأتوبيس» (1983) للمخرج عاطف الطيب، الذي استعرض من خلاله الأزمة الاقتصادية والاجتماعية لمصر في السبعينيات، وقدّمت فيه أداءً مميزًا نال إعجاب الجمهور والنقاد على السواء.
إرث فني يتجاوز الـ200 عمل
طوال مشوارها الذي امتد من الخمسينيات حتى أواخر التسعينيات، شاركت زهرة العلا في أكثر من 120 فيلما سينمائيا، إلى جانب حوالي 50 مسلسلا تلفزيونيا، لتصبح واحدة من أكثر النجمات غزارة إنتاجية.
ومن بين أبرز أعمالها أيضًا: «جميلة بوحيرد»، «ألمظ وعبده الحامولي»، «بور سعيد»، «أرض أرض»، و«الزوجة الثانية»، فضلًا عن حضورها القوي في الدراما التلفزيونية بمسلسلات مثل «زينب والعرش» و«الحرملك».
حياة خاصة هادئة وزواج طويل من حسن الصيفي
على الصعيد الشخصي، تزوجت زهرة العلا أربع مرات، كان أطولها وأكثرها استقرارا زواجها من المخرج حسن الصيفي، والذي استمر أكثر من 45 عاما، وأنجبت منه ابنتيها: منال الصيفي، التي سارت على خطى والدها كمخرجة، وأمل الصيفي، التي تزوجت من شقيق الفنانة إلهام شاهين.
وكانت إحدى زيجاتها القصيرة قد انتهت بسبب اعتراض زوجها على استمرارها في العمل الفني، لكنها اختارت دائمًا أن توازن بين حياتها الشخصية وعشقها للفن.
الاعتزال بعد الحج والرحيل في هدوء
في أواخر التسعينيات، قررت زهرة العلا اعتزال التمثيل بعد أداء فريضة الحج، واختارت أن تبتعد عن الأضواء في صمت، دون أي ضجة إعلامية، ليكون فيلم «أرض أرض» عام 1998 هو آخر ظهور لها على الشاشة.
وفي 18 ديسمبر 2013، رحلت زهرة العلا عن عالمنا بعد صراع مع المرض، تاركة خلفها إرثا فنيا ضخما ومكانة راسخة في ذاكرة عشاق السينما المصرية.
زهرة العلا.. أيقونة من زمن الفن الجميل
لا تزال زهرة العلا تعد واحدة من النماذج النسائية الراقية في تاريخ السينما المصرية، فقد جمعت بين الجمال الهادئ والموهبة التمثيلية المتقنة، وتعاونت مع كبار المخرجين مثل يوسف شاهين، كمال الشيخ، هنري بركات، وبرع في تقديمها نجوم العصر الذهبي.
ورغم مرور أكثر من عقد على وفاتها، لا تزال أعمالها تعرض على الشاشات، ويستعيدها الجمهور دومًا كلما أراد العودة إلى «زمن الفن الجميل».