السبت 09 أغسطس 2025 الموافق 15 صفر 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

المتحف المصري يعرض نموذجا خشبيا نادرا لموكب جنائزي من عصر الدولة الوسطى

نموذج خشبي نادر لموكب
نموذج خشبي نادر لموكب جنائزي من عصر الدولة الوسطى

يعرض المتحف المصري بالتحرير نموذجًا خشبيًا فريدًا لموكب جنائزي، عُثر عليه في منطقة سقارة ويعود إلى عصر الدولة الوسطى، ويحمل رقم الحفظ JE39126، وذلك ضمن خطة المتحف لإبراز أهم الكنوز الأثرية التي تعكس جوانب الحياة والمعتقدات في مصر القديمة.

هذا النموذج الأثري، الذي يجذب أنظار الزائرين والباحثين، يعد من القطع النادرة التي توثق طقوس الجنازات المصرية في العصور القديمة، حيث كان المصريون القدماء يحرصون على تجهيز المقابر بكل ما قد يحتاجه المتوفى في العالم الآخر، من مأكل ومشرب وملابس وحُلي، اعتقادًا منهم باستمرارية الحياة بعد الموت.

مشهد متكامل للطعام والشراب والمقتنيات

يظهر في هذا النموذج المصغر مشهد غني بالتفاصيل، حيث تُعرض موائد عامرة بالطعام والشراب، إلى جانب سلال وصناديق تحتوي على الملابس والمجوهرات. 

وتبرز في العمل دقة النحت الخشبي وحرفية التنفيذ، ما يعكس مهارة الفنانين المصريين القدماء في تقديم مشاهد تحاكي الواقع بدقة متناهية.

كما يجسد هذا النموذج الدور المحوري الذي لعبته الطقوس الجنائزية في المجتمع المصري القديم، حيث لم تكن هذه الطقوس مجرد مراسم وداع، بل كانت امتدادًا لحياة المتوفى في العالم الآخر، مع توفير كل مظاهر الرفاهية التي كان ينعم بها في حياته الدنيا.

قيمة فنية وتاريخية استثنائية

يعتبر هذا الأثر قطعة فنية ذات قيمة استثنائية، فهو لا يكتفي بعرض الطقوس الدينية، بل يسلط الضوء أيضًا على الثراء الاجتماعي والاقتصادي في تلك الحقبة، ومكانة المتوفى في مجتمعه. 

فالتفاصيل الدقيقة للنموذج تكشف عن مدى الاهتمام بالمكانة الاجتماعية، حيث كان تجهيز المقابر يتم بعناية فائقة لتعكس رفاهية الحياة في القصور والمنازل الراقية.

ويؤكد خبراء الآثار أن مثل هذه النماذج الخشبية تمثل وثائق بصرية نادرة، تساعد الباحثين في دراسة المعتقدات والعادات اليومية للمصريين القدماء، وتمنح الزائرين فرصة لفهم أعمق للثقافة المصرية القديمة.

المتحف المصري… نافذة على عصور الحضارة

يواصل المتحف المصري بالتحرير دوره الرائد في عرض المقتنيات الأثرية الفريدة، التي لا تمثل مجرد قطع جامدة، بل تحكي قصصًا ممتدة عبر آلاف السنين.

 فكل قطعة داخل قاعات المتحف هي شاهد حي على عظمة الحضارة المصرية وقدرتها على الإبداع في مختلف مجالات الحياة، من العمارة والنحت إلى المعتقدات الدينية والطقوس الاجتماعية.

ويشكل عرض هذا النموذج الجنائزي جزءًا من خطة المتحف للتجديد في طرق العرض المتحفي، من خلال إبراز القطع التي لم تُعرض سابقًا أو التي تحتفظ بقيمة علمية وفنية عالية، بما يثري تجربة الزائر ويحفزه على استكشاف المزيد من أسرار الحضارة المصرية.

صندوق حلي يويا وثويا… تحفة من عصر الدولة الحديثة

وفي سياق متصل، يضم المتحف المصري واحدة من أبرز القطع الأثرية النادرة من عصر الدولة الحديثة، وهي صندوق الحُلي الخاص بيويا وثويا، والدي الملكة تي زوجة الملك أمنحتب الثالث من الأسرة الثامنة عشرة (1390–1352 ق.م).

ويُعد هذا الصندوق واحدًا من أروع النماذج التي تعكس فنون الزخرفة والصياغة في مصر القديمة، حيث يزدان بالنقوش والزخارف الذهبية التي تعبر عن الثراء والفخامة التي كانت تتمتع بها العائلات المقربة من البلاط الملكي.

جذب الزائرين والباحثين

يشكل عرض هذين الأثرين، من الدولة الوسطى والدولة الحديثة، فرصة فريدة للزائرين للاطلاع على تطور الفنون الجنائزية والحِرف اليدوية عبر العصور المختلفة من تاريخ مصر القديمة. 

كما يسهم في تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري الذي يمثل جزءًا أساسيًا من الهوية المصرية.

وتحرص إدارة المتحف على تقديم هذه المقتنيات بأسلوب عرض متطور، يدمج بين المعلومات التاريخية الدقيقة والتجربة البصرية الجاذبة، بما يجعل زيارة المتحف رحلة زمنية ممتعة تعيد الزائرين إلى قلب الحضارة المصرية.

إرث خالد عبر العصور

إن عرض نموذج الموكب الجنائزي وصندوق حُلي يويا وثويا ليس مجرد استحضار لقطع أثرية قديمة، بل هو رسالة قوية عن استمرارية الإرث المصري عبر العصور. فهو يذكّر العالم بأن مصر كانت وما زالت مهد الحضارة، وبأن فنونها ومعتقداتها ظلت ملهمة للبشرية حتى يومنا هذا.

وبين قاعات المتحف المصري، حيث تتجاور القطع الأثرية من مختلف الحقب، يدرك الزائر أن الحضارة المصرية لم تكن مجرد ماضٍ مجيد، بل هي أساس متين للحاضر والمستقبل، وأن هذه المقتنيات ما هي إلا مفاتيح لفهم رحلة الإنسان عبر الزمن.

تم نسخ الرابط