الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 الموافق 24 ربيع الأول 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

نبيل أبوالياسين: يهاجم «روبيو» ذهب لنتنياهو ومنحه الضوء الأخضر للإبادة

القارئ نيوز

وسط ركام المنازل المدمرة وأجساد الأطفال المشوّهة، حيث رائحة الموت تفوح من تحت الأنقاض، وصمت العالم يصمّ الآذان، تُكتب أقسى فصول المعاناة الإنسانية في العصر الحديث

غزة، ذلك السجن المفتوح، تتحول بشكل منهجي وممنهج إلى مقبرة جماعية، بينما تتبارى الخطابات الدبلوماسية المخادعة في تبرير الجريمة أو مد مهلة تنفيذها. 

هنا، حيث فقدت الكلمات معناها ولم يعد يبقى سوى صرخات الضحايا وصوت القناصة، تأتي الأدلة الدولية لتفضح ما حاول الكثيرون التستّر عليه: هذه ليست حربًا، بل إبادة جماعية.

تهديدات روبيو: الدبلوماسية تحت ظلّ السلاح

لم يأتِ وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، حاملًا رسالة سلام، بل جاء مُحمّلًا بإنذارات أخيرة.

 خلال زيارته لتل أبيب، ألقى باللوم على الضحية، محدّدًا أمام حركة حماس «مهلة قصيرة جدًا» قد لا تتعدى أيامًا لقبول اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك بينما كانت آلة الحرب الإسرائيلية تطحن المدينة وشعبها.

 لم يكن تحذيره سوى ضوء أخضرٍ واضحٍ لنتنياهو لتكثيف العمليات العسكرية والإسراع في تحقيق الأهداف المعلنة وغير المعلنة، في مشهدٍ يكرر نفس سيناريو الابتزاز الدولي الذي لا يرعى إلا مصالح المحتل.

لجنة الأمم المتحدة: أدلة الإبادة الجماعية لا تقبل الجدل

في تقريرٍ تاريخيٍّ مدوٍّ، كشفت اللجنة الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة النقاب عن الحقيقة المروعة.

 بعد تحقيقٍ مطوّل، خلصت إلى أن السلطات الإسرائيلية ارتكبت أربعة من أفعال الإبادة الجماعية الخمسة المُعرّفة دوليًا: القتل، وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي، وفرض ظروف معيشية بهدف الإبادة، وفرض تدابير لمنع الإنجاب.

 وأكدت اللجنة أن التصريحات الصادرة عن القادة الإسرائيليين وأنماط السلوك العسكري لا تترك مجالًا للشك في وجود «نية مبيتة للتدمير الكلي أو الجزئي للفلسطينيين كجماعة في غزة».

صورة الوجه القبيح: النفاق السياسي في أبهى حُلله

تبدو الزيارة اللاحقة لروبيو إلى الدوحة وكأنها فصل من مسرحية هزيلة مكتوبة سلفًا. فبعد أن بارك في إسرائيل استمرار الحرب وأعطى الضوء الأخضر للاجتياح البري، توجه إلى قطر ليطالبها، هي ذات السيادة التي انتهكتها إسرائيل بهجوم الدوحة، بمواصلة دورها في «الوساطة» و«التفاوض».

 هذا التناقض الصارخ ليس سوى محاولةٍ فجةٍ لتبييض وجه السياسة الأمريكية المتورطة مباشرة في دعم الإبادة، وتقديم نفسها كطرف محايد، في وقتٍ يكون فيه الدم الفلسطيني لا يزال ينزف تحت دبابات مولتها واشنطن.


العجز الدولي والمسؤولية الجماعية

بينما تحترق غزة ويتساقط شهداؤها تحت نيران الإبادة، يقتصر رد الفعل الدولي على إدانات خجولة وبيانات «قلقة» لا تليق بجسامة الجريمة

هذا الصمت المصطنع، والتواطؤ تحت مسمى «الدبلوماسية»، هو ما يشجع آلة الحرب الإسرائيلية على المضي قدمًا في جرائمها.

 السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: كم عدد الأطفال الذين يجب أن يموتوا، وكم عدد التقارير التي يجب أن تصدر، وكم مرة يجب أن تؤكد أرفع الهيئات القضائية وقوع إبادة جماعية، حتى تتحرك الضمائر وترفع أقنعة النفاق؟ إن تقاعس المجتمع الدولي، وخاصة الدول ذات النفوذ، ليس خيارًا أخلاقيًا محايدًا، بل هو مشاركة في الإثم وجريمة بحد ذاتها وفقًا للقانون الدولي.

صرخة المدنيين: منظمات حقوقية تدق ناقوس الخطر

لم تتردد المنظمات الحقوقية في وصف الواقع المرير، محذرة من أن غزة تتحول إلى "مقبرة جماعية" وأرضٍ غير صالحة للحياة. 

وشددت في بيانٍ عاجل على أن ما يقارب مليون فلسطيني يُدفعون نحو دائرة الموت المحكمة تحت القصف والتجويع، مطالبةً المجتمع الدولي بتدخل «استثنائي وعاجل» لوقف ما وصفته بـ «الجريمة الكبرى»، والضغط لوقف العدوان وحماية المدنيين، وإدخال المساعدات بشكل فوري ومستدام.


وختامًا: يومٌ من التقاعس هو تواطؤٌ

لم يعد هناك متسعٌ للصمت أو للتجريدات اللغوية الدبلوماسية. لقد أصدرت أعلى هيئة قضائية دولية أوامرها، وقدمت لجان التحقيق الدولية أدلّة قاطعة، وشهِد العالم بأم عينيه على جريمة الإبادة الجماعية.

 كل طائرة حربية تحلق في سماء غزة تحمل شعار «صنع في أمريكا»، وكل صمتٍ دوليٍّ هو إدانةٌ للأخلاق والإنسانية. إن تقاعس العالم اليوم ليس خطيئةً أخلاقيةً فحسب، بل هو تواطؤٌ مباشرٌ وفقًا للقانون الدولي. 

لقد حان الوقت لتحويل أدلة الإبادة إلى إرادة سياسية، ووقف نزيف هذا الشعب، ومحاكمة كل من ساهم في هذه المأساة، لأن التاريخ لن يسامح، ولأن ضمير الإنسانية لن يهدأ حتى تتحقق العدالة.

تم نسخ الرابط