الجمعة 28 نوفمبر 2025 الموافق 07 جمادى الثانية 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

ذكرى تاريخية.. «خطاب البابا أوربان الثاني» الشرارة التي أطلقت الحروب الصليبية

الحروب الصليبية
الحروب الصليبية

في مثل هذا اليوم، الموافق 27 نوفمبر من عام 1095 ميلادية، ألقى البابا أوربان الثاني خطابه الأشهر والأكثر تأثيراً في العصور الوسطى. 

هذا الخطاب، الذي أُلقي في مجمع كليرمون بفرنسا، لم يكن مجرد عظة دينية، بل تحول إلى «نداء عام» مدوٍ، دعا فيه مسيحيي أوروبا لحمل السلاح والتوجه شرقاً. 

كان الهدف المعلن هو نجدة الإمبراطورية البيزنطية واستعادة مدينة القدس، مهد الديانة المسيحية، من سيطرة الأتراك السلاجقة.

كان هذا الخطاب بمثابة «الشرارة الأولى» لما عُرف لاحقاً باسم الحملات الصليبية، وهي سلسلة من الصراعات العسكرية التي استمرت على مدى قرنين من الزمان، وتركت آثاراً عميقة ودامية لا تزال محسوسة في العلاقات بين الشرق والغرب حتى يومنا هذا.

أوربان الثاني: المصلح الذي استغل الفرصة التاريخية

وُلد أوربان باسم أودو من لاجيري، وتلقى تعليمه على يد المصلح الكبير البابا جريجوري السابع. 

وعلى غرار معلمه، جعل أوربان الإصلاح الداخلي للكنيسة محور اهتمامه، فشن هجوماً قوياً على بيع المناصب الكنسية (السيمونية) وسائر الانتهاكات الدينية الشائعة في تلك الحقبة. 

وقد أثبت جدارته كرجل دين قوي ومتمرس. وعندما انتخب بابا عام 1088، كرس جهوده لإضعاف نفوذ منافسه كليمنت الثالث.

وبحلول نهاية القرن الحادي عشر، أصبحت الأرض المقدسة – المنطقة المعروفة اليوم بالشرق الأوسط – نقطة صراع محتدم.

 ورغم أن المسيحيين اعتادوا الحج بانتظام إلى مهد ديانتهم منذ القرن السادس، إلا أن سيطرة الأتراك السلاجقة على القدس أدت إلى منعهم من دخول المدينة المقدسة، مما زاد من حدة التوتر الديني.

نداء الإمبراطور البيزنطي: نقطة تحول حاسمة

عندما هدد السلاجقة لاحقاً باجتياح الإمبراطورية البيزنطية والاستيلاء على عاصمتها القسطنطينية، وجه الإمبراطور ألكسيوس الأول نداء استغاثة عاجلاً إلى البابا أوربان طالباً العون والمساعدة العسكرية.

لم يكن هذا النداء هو الأول من نوعه، لكنه جاء في «وقت بالغ الأهمية» بالنسبة للبابا أوربان الثاني. 

رغبةً منه في تعزيز سلطة البابوية وتوحيد أوروبا المسيحية التي كانت منقسمة داخلياً، انتهز أوربان الفرصة لقيادة أوروبا المسيحية تحت رايته وخوض حرب مقدسة تهدف إلى استعادة الأرض المقدسة من السلاجقة.

 كانت هذه خطوة استراتيجية لـ «ترسيخ نفوذ البابوية» على حساب الحكام العلمانيين في أوروبا.

تفاصيل الخطاب الحماسي: الوعد بالغفران والمبالغة في التوصيف

في مجمع كليرمون، الذي شهد اجتماع المئات من رجال الدين والنبلاء، ألقى أوربان الثاني خطابه الحماسي والفعال.

 دعا فيه الأغنياء والفقراء على حد سواء إلى «نبذ صراعاتهم الداخلية» والتوحد لخوض حرب نبيلة لنصرة المسيحيين في الشرق واستعادة القدس.

الانتقادات والمبالغات: وجه أوربان انتقادات لاذعة للمسلمين، واعتمد على مبالغات في وصف ما نُسب إليهم من أعمال معادية للمسيحية، بهدف شحذ الهمم وتأجيج الشعور الديني لدى الحضور.

الوعد الروحي: وعد البابا بالغفران ومغفرة جميع الخطايا لكل من يموت في «خدمة المسيح» أثناء هذه الحملة، وهو ما قدم حافزاً روحياً هائلاً للطبقات الفقيرة والمعرضة للموت.

استجابة واسعة النطاق: الطمع الدنيوي إلى جانب التقوى

انتشر خطاب أوربان «كالنار في الهشيم»، وهب رجال الدين لحشد الدعم في مختلف أنحاء أوروبا للحملة ضد المسلمين. وقد استجاب لدعوته ما بين 60 ألف و100 ألف شخص.

لكن الاستجابة لم تكن كلها بدافع التقوى وحدها؛ إذ أغرى كثيرًا من النبلاء الطمع في توسيع ممتلكاتهم والحصول على الثروات التي قد تجلبها الحملة من الشرق. 

ولسوء الحظ، كان هؤلاء النبلاء سبباً في موت أعداد كبيرة من الأبرياء خلال طريقهم إلى الأرض المقدسة وفي داخلها، إذ استنزفوا ثروات وممتلكات من اعتبروهم أعداءً لقضيتهم.

كما عانت الحملة في بدايتها من قلة خبرة الفلاحين المسيحيين وانعدام انضباطهم مقارنة بالجيش المسلم المدرب، مما أدى إلى تكبدهم خسائر كبيرة، ولم يحققوا الانتصار في النهاية إلا بفعل «كثرة أعدادهم».

وفاة البابا والتطويب الكنسي

توفي البابا أوربان الثاني عام 1099، بعد أسبوعين فقط من سقوط القدس في أيدي الحملة الصليبية الأولى، وقبل أن تصله أخبار هذا الانتصار التاريخي.

 وكانت حملته الأولى فاتحة لسبع حملات كبرى على مدى القرنين التاليين عرفت جميعها بـ الحروب الصليبية، ولا تزال آثارها الدامية محسوسة حتى اليوم، وقد أعلنت الكنيسة الكاثوليكية تطويب أوربان كـ «طوباوي» عام 1881.

تم نسخ الرابط