الأربعاء 03 ديسمبر 2025 الموافق 12 جمادى الثانية 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

المرأة والضلع الأعوج.. هل أساء المجتمع فهم النص؟

صحيح مسلم
صحيح مسلم

تُعد عبارة «المرأة خُلقت من ضلع أعوج» واحدة من أكثر الجمل تداولاً في الثقافة العربية، لكنها في الوقت نفسه من أكثر العبارات التي تعرضت لسوء الفهم والتأويل عبر الأجيال. 

ولإزالة هذا الالتباس المستمر الذي أثر على النظرة الاجتماعية للمرأة، أصبح من الضروري العودة إلى المصادر الأصلية للتشريع الإسلامي المتمثلة في القرآن الكريم، والحديث النبوي الصحيح، وشروح العلماء الكبار.

أولاً: النص القرآني.. لا ذكر للضلع

بالتدقيق في النص القرآني، يتضح أن القرآن الكريم «لا يرد فيه أي ذكر لفكرة الضلع» فيما يتعلق بخلق المرأة (حواء). يقتصر النص القرآني على الإشارة العامة للخلق من أصل واحد:

النص القرآني الوحيد المتعلق بالخلق هو قوله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها).

تفسير العلماء: أجمع كبار المفسرين على أن المقصود بـ«نفس واحدة» هو آدم عليه السلام، وأن قوله «وخلق منها زوجها» يعني أنها خُلقت من جنسه، دون تحديد مادة الخلق (أي من تراب أو من ضلع).

 وقد أكد ذلك الإمام الطبري في (تفسير الطبري) والإمام ابن كثير في (تفسير ابن كثير).

ثانياً: السنة النبوية.. الوصية بالنساء والرفق

تعد السنة النبوية هي المصدر الذي وردت فيه الإشارة إلى «الضلع»، لكنها لم تشر إلى الضلع الأعوج بشكل مباشر كصفة للخلق، بل كانت في سياق الوصية بالنساء:

صحيح البخاري: «استوصوا بالنساء، فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه» (صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب المداراة مع النساء، رقم الحديث 3331).

صحيح مسلم: «إن المرأة خُلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة» (صحيح مسلم، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، رقم الحديث 1468).

ملاحظة محورية:

الروايات الصحيحة لم تقل بصريح العبارة: «خُلقت من ضلع أعوج». بل ذكرت أنها خُلقت «من ضلع»، ثم وصفت «أعوج شيء في الضلع أعلاه».

 هذا يعني أن العوج هنا هو «وصف للضلع نفسه» كبنية تشريحية طبيعية وليست عيباً، والهدف من الحديث هو التشبيه والتمثيل.

ثالثاً: شروح العلماء الكبار.. العوج يقصد به الخُلُق

أجمع العلماء الكبار على أن المراد من الحديث ليس الوصف الحرفي لنقص في الخلقة، بل هو دعوة للرجال للرفق بالمرأة وفهم طبيعتها المختلفة:

الإمام النووي (شرح النووي على صحيح مسلم): يرى أن الحديث «تمثيل للطباع» الأنثوية التي تتميز بالرقة والعاطفة، وليس وصفاً لنقص في الخلقة أو اتهاماً لها بالعيب.

ابن حجر العسقلاني (فتح الباري): يؤكد أن الحديث يهدف إلى «حث الرجال على الرفق» بالمرأة وعدم محاولة إجبارها على نمط سلوكي يخالف فطرتها التي جبلها الله عليها.

القرطبي (الجامع لأحكام القرآن): يذهب إلى أن العوج يقصد به «الاختلاف في الخُلُق والمشاعر» والتكوين النفسي المميز للمرأة، وليس إشارة إلى عيب أو نقص.

الخلاصة العلمية: تحريف العبارة وتوظيفها الثقافي

يؤكد التحقيق العلمي والمقارنة بين النصوص والأقوال أن العبارة الشائعة تعرضت للتحريف وسوء الفهم:

القرآن: لم يذكر الضلع إطلاقاً في سياق خلق المرأة.

الأحاديث: ذكرت الضلع، لكنها لم تقل «ضلع أعوج».

العلماء: أجمعوا أن المقصود هو «تمثيل لطبيعة المرأة العاطفية» ورقتها وضرورة التعامل معها بلطف ورفق.

الاستخدام الشعبي: الاستخدام المتداول لعبارة «المرأة خُلقت من ضلع أعوج» هو «تحريف للمعنى النصي» حمل إيحاءات النقص والعيب لم يقصدها الحديث في أصله، بل قصد الرفق وحسن العشرة.

وبذلك يتضح أن العبارة الشائعة تحتاج فعلاً إلى تصحيح علمي يضعها في سياقها الصحيح، ويحررها من التوظيف الثقافي المغلوط الذي ساد عبر الزمن، والذي لا يتفق مع المنهج القرآني أو النبوي في الوصية بالنساء.

هذا التوضيح يعيد العبارة إلى سياقها الأصلي كوصية نبوية بـ «المداراة واللطف»، بعيداً عن التفسيرات التي تسيء إلى تكريم الإسلام للمرأة وفطرتها.

تم نسخ الرابط