روما قد تحتضن الجولة الخامسة من المفاوضات بين طهران وواشنطن

أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، اليوم الإثنين، بأن الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي، قد تعقد في العاصمة الإيطالية روما، خلال عطلة نهاية الأسبوع الجاري، وسط مؤشرات على تصاعد حدة التوتر بين الطرفين، وشكوك إيرانية متزايدة حول جدية الجانب الأمريكي في التوصل إلى اتفاق.
طهران تشكك في النوايا الأمريكية
يأتي هذا التطور في وقت أكدت فيه وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم، أن واشنطن لا تبدو جادة بشأن المسار الدبلوماسي، وذلك في ظل ما وصفته بـ«صعوبات تكتنف العملية التفاوضية».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحفي عقده الإثنين، إن «تغير الموقف الأمريكي خلال المحادثات مع إيران يصعب أي مسار تفاوضي، ويعزز الشكوك بشأن جدية واشنطن».
وأضاف أن بلاده تواجه صعوبات بسبب ما وصفه بـ«عدم التزام واشنطن بالقواعد المتعارف عليها في أي مسار دبلوماسي».
وشدد بقائي على أن فرض الولايات المتحدة لعقوبات جديدة في وقت تدعو فيه إلى التفاوض يكشف عن عدم الجدية وسوء النية، مؤكدًا أن إيران «لن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم، وهو أمر غير قابل للتفاوض».
المفاوضات مستمرة رغم التحديات
وكانت طهران وواشنطن قد أجرتا 4 جولات من المحادثات غير المباشرة، بوساطة سلطنة عُمان، آخرها جرت يوم 11 مايو الجاري، في مسعى لإحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والذي انسحبت منه واشنطن في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
ورغم هذه المحاولات، لا تزال المواقف متباعدة بين الطرفين، إذ تصر إيران على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها أولًا، مقابل أي التزام نووي، بينما تطالب واشنطن بضمانات بشأن عدم تجاوز إيران للنسب المسموح بها في تخصيب اليورانيوم.
وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن طهران لاحظت بعض التقدم خلال الجولة الرابعة من المحادثات، لكنه أشار إلى أن طريق التفاوض لا يزال طويلًا، مشددًا على أهمية وجود دور أوروبي في العملية التفاوضية.
العراقجي.. أوروبا غائبة ونرفض استمرار ذلك
وفي تصريح سابق له، قال عراقجي إن بلاده ترغب في أن يكون للأوروبيين دور فاعل في المفاوضات، وأضاف: «اليوم، الأوروبيون بعيدون عن محادثاتنا غير المباشرة مع الولايات المتحدة، وهذا بالطبع ليس مرغوبًا فيه بالنسبة إلينا، ويدل على أنه لا يوجد تفاهم فيما بينهم بهذا الصدد».
وتشير تصريحات العراقجي إلى تراجع دور الاتحاد الأوروبي، الذي كان لاعبًا رئيسيًا في مفاوضات الاتفاق النووي الأصلي، حيث لعبت كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة دور الوسيط بين طهران وواشنطن، إلى جانب الصين وروسيا.
ضغوط داخلية وخارجية
من جهة أخرى، تعيش إيران ضغوطًا داخلية متزايدة بسبب الأزمة الاقتصادية وتراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع نسبة التضخم، ما يجعل الحكومة الإيرانية بحاجة ملحة لتخفيف العقوبات واستعادة العوائد النفطية المجمدة، في وقت ترتفع فيه حدة الانتقادات الداخلية لأي تنازلات محتملة بشأن البرنامج النووي.
في المقابل، تواجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن انتقادات من الكونغرس لاتباعها سياسة مرنة تجاه طهران، إذ يرى بعض المشرعين أن واشنطن ينبغي أن تواصل الضغط عبر العقوبات، وعدم العودة للاتفاق دون شروط إضافية، تتعلق بالصواريخ الباليستية والدور الإقليمي لإيران.
آمال معلقة على الجولة المقبلة
وتُعلّق الأطراف الإقليمية والدولية آمالًا على الجولة الخامسة من المحادثات المرتقبة في روما، التي قد تشهد محاولة جادة لتقريب وجهات النظر، وسط تسريبات عن مبادرات جديدة قد تطرحها الوساطة الأوروبية بالتنسيق مع سلطنة عُمان، والتي أثبتت نجاحها في تقريب المسافات في الجولات السابقة.
وتبقى فرص نجاح هذه الجولة مرهونة بمدى استعداد الجانبين لتقديم تنازلات حقيقية، تضمن الخروج من دائرة التصعيد المتبادل، والعودة إلى إطار تفاوضي مستقر يُجنب المنطقة المزيد من التوترات.