بعد مليوني عام في كهف..أسنان قديمة تكشف أسرارا مدهشة عن البشر الأوائل

كشفت دراسة علمية حديثة عن مفاجآت مثيرة حول نوع من أشباه البشر يُدعى بارانثروبوس روبستوس، عاش في جنوب أفريقيا قبل ما بين 1.8 مليون إلى 1.2 مليون عام، وذلك بعد تحليل قطع من مينا الأسنان تم استخراجها من كهف «سوارتكرانس»، أحد أهم مواقع التراث العالمي ضمن «مهد البشرية».
الدراسة التي نُشرت تفاصيلها عبر موقع «Live Science»، استخدمت تقنيات تحليل بروتينات متطورة تُعدّ الأولى من نوعها في هذا السياق، ونجحت في الكشف عن أسرار محفوظة منذ ملايين السنين، كان من بينها احتمال وجود نوع بشري غير معروف حتى الآن.
الكشف من أعماق الكهف
استطاع علماء الآثار استعادة أسنان أربعة أفراد من نوع بارانثروبوس روبستوس، من أعماق كهف «سوارتكرانس» بجنوب أفريقيا، وهو كهف مشهور بثرائه بالأحافير.
وقاد الدراسة فريق دولي من الباحثين برئاسة باليسا مادوبي مادوبي، والذي قرر استخدام تحليل البروتينات القديمة بدلًا من الاعتماد التقليدي على الحمض النووي، والذي غالبًا ما يتلف بمرور الزمن.
وتمكن الفريق من تحديد الجنس البيولوجي للأفراد الأربعة الذين يُرجّح أنهم توفوا في الفترة نفسها، عبر بروتينات مينا الأسنان، وهي مادة نادرة تحافظ على بصمتها الجزيئية لآلاف أو حتى ملايين السنين.
بروتينات تحدد الجنس بدقة
ركّز الباحثون على بروتينات جينية دقيقة، من بينها جين AMELY الموجود حصريًا في مينا أسنان الذكور، وجين AMELX الشائع لدى الإناث.
وبناء على هذا التحليل، تبيّن أن اثنين من الأفراد كانوا ذكورًا، فيما رجّح أن الاثنين الآخرين من الإناث.
لكن المثير في النتائج أن أحد الأفراد، والذي كان يُعتقد سابقًا أنه أنثى بسبب حجم وشكل الأسنان، تبيّن وفق التحليل الجزيئي أنه ذكر، ما شكّل مفاجأة علمية كبيرة، وألقى الضوء على محدودية الاعتماد على شكل وحجم الأسنان فقط في تحديد الجنس.
وكتب الباحثون في دراستهم: «تشير نتائجنا إلى أن قياسات حجم الأسنان ليست بالضرورة دقيقة لتقدير الجنس بشكل صحيح».
احتمال وجود نوع غير معروف
وبعد اكتشاف هذا الخلل بين التصنيف الشكلي والتصنيف الجزيئي، بدأ الفريق العلمي في البحث عن أسباب محتملة للتنوع الذي لاحظوه في أفراد بارانثروبوس روبستوس.
فطرحت الدراسة احتمالين: إما وجود أنواع أو مجموعات جينية لم تكن معروفة سابقًا، أو حدوث تزاوج بين أنواع مختلفة من أشباه البشر، مثل الأسترالوبيثكس وأوائل أفراد جنس هومو (الإنسان).
وقد دعّم هذا الطرح تحليل إضافي لتسلسلات الأحماض الأمينية في الأسنان، أظهر وجود اختلافات واضحة بين عينات الأفراد الأربعة.
ومن بين هذه العينات، كانت العينة المعروفة باسم SK-835، التي أظهرت اختلافًا كبيرًا في كل من الشكل والجينات، لكنها في الوقت نفسه كانت أكثر ارتباطًا جينيًا ببقية العينات من ارتباطهم ببعضهم البعض.
آفاق جديدة في دراسة أسلاف الإنسان
نتائج هذه الدراسة تفتح الباب أمام رؤى جديدة لفهم تطور الإنسان وأشباهه عبر الزمن، وتؤكد أهمية التكنولوجيا الحديثة في كشف أسرار الماضي السحيق.
إذ لم يكن بالإمكان قبل سنوات قليلة أن نصل إلى تحديد جنس فرد بشري منقرض من خلال بروتينات في مينا أسنانه، ناهيك عن اكتشاف مؤشرات على نوع جديد من البشر.
ويأمل العلماء أن تُستخدم هذه التقنية بشكل أوسع مستقبلًا في تحليل أحافير أخرى، قد تكون مفتاحًا لفهم المزيد عن تطور البشر، وتحديد الفروع المنقرضة التي لم تكن معروفة للعلم من قبل.
المصدر: موقع «Live Science»
الباحث الرئيسي: باليسا مادوبي مادوبي
الموقع المكتشَف: كهف «سوارتكرانس» – جنوب أفريقيا
الفترة الزمنية: بين 1.8 إلى 1.2 مليون سنة مضت