حينما خاطب عمر بن الخطاب نهر النيل.. القصة التي أوقفت التضحية بالبنات

في واحدة من القصص الشهيرة التي ارتبطت بتاريخ مصر القديم ونهر النيل، يسجل المؤرخ الإسلامي ابن كثير في كتابه الشهير «البداية والنهاية»، تفاصيل أسطورة «عروس النيل»، التي كان يعتقد بها المصريون قبل دخول الإسلام، وكانت تقوم على طقس غريب يقدم فيه المصريون عذراء بكر قربانا للنيل من أجل ضمان جريانه واستمرار فيضانه.
بداية الأسطورة.. جارية كل عام للنيل
يقول ابن كثير إنه عندما افتتحت مصر ودخلها الصحابي الجليل عمرو بن العاص واليًا عليها في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، جاءه أهل البلاد في شهر بؤونة – أحد الشهور القبطية – وقالوا له: «أيها الأمير، لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها».
فسألهم عمرو: «وما ذلك؟»
فقالوا له إنهم اعتادوا في مثل هذا الوقت من كل عام، أن يأخذوا جارية بكرًا يرضون والديها، ويزينونها بأفضل الحلي والثياب، ثم يلقونها في النيل، على أمل أن يجري الماء ويبدأ موسم الفيضان.
موقف الإسلام.. لا قربان ولا خرافات
فور سماع عمرو بن العاص بهذا الطقس، رفضه بشدة، وقال: «إن هذا مما لا يكون في الإسلام، إن الإسلام يهدم ما قبله».
وامتنع عن تنفيذ هذا الطقس، وترك النيل دون أن تُلقى فيه الفتاة، على عكس ما اعتاد الناس.
ومرت الأيام، وظل النيل لا يجري ولا يرتفع منسوبه، مما أدى إلى حالة من الهلع بين المصريين، وبدأوا يهددون بترك البلاد والجلاء عنها نتيجة القحط وخوفًا من الجفاف.
عمر بن الخطاب يتدخل برسالة إلى النيل
كتب عمرو بن العاص إلى الخليفة عمر بن الخطاب يشرح له ما حدث، منتظرًا توجيهًا من أمير المؤمنين. ورد عمر بخطاب قصير ومعه بطاقة صغيرة كتبها بخط يده، وطلب من عمرو أن يُلقيها بنفسه في النيل.
وعندما وصل الخطاب إلى مصر، فتح عمرو البطاقة، فوجد فيها كلمات بليغة تقول:
«من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد: فإن كنت إنما تجري من قبلك ومن أمرك فلا تجر، فلا حاجة لنا فيك.
وإن كنت إنما تجري بأمر الله الواحد القهار، فهو الذي يجريك، فنسأل الله أن يجريك».
وبالفعل، ألقى عمرو البطاقة في النيل كما أوصاه عمر بن الخطاب، وحدث ما يشبه المعجزة، فمع حلول صباح السبت التالي، فوجئ الناس بأن مياه النيل قد ارتفعت ستة عشر ذراعًا في ليلة واحدة، وأُنهِيَت تلك العادة الوثنية تمامًا من مصر.
نهاية طقس عروس النيل
ويؤكد ابن كثير أن ذلك الحدث كان في سنة 16 هجرية، وأنه منذ ذلك الحين لم يعد المصريون يقدمون قرابين بشرية للنيل، وتم قطع تلك السنة نهائيًا بفضل حكمة الإسلام وموقف عمر بن الخطاب الحازم الذي جمع بين التوكل على الله والرحمة بالناس.
وتعد هذه القصة إحدى أشهر الأمثلة التي تُستدل بها على كيف تصدى الإسلام للممارسات الوثنية، وكرّس حرمة النفس البشرية، ورفض الخرافات، وأحل محلها الوعي والعدل والتوحيد.
جانب من التاريخ العسكري
وفي نفس السنة، يروي ابن كثير أيضا أن الصحابي سيف بن عمر ذكر أن عمرو بن العاص قام في ذي القعدة من نفس العام بجعل المسالح (نقاط الحراسة) على أطراف مصر، وذلك تحسبًا لهجوم محتمل من البحر قاده الإمبراطور هرقل ضد الشام ومصر.
كما أشار المؤرخ ابن جرير الطبري إلى أنه في تلك السنة، غزا عبد الله بن قيس العبدي أرض الروم، ويُقال إنه أول من دخلها من المسلمين وغنم منها وعاد سالمًا، وهناك رواية أخرى تشير إلى أن ميسرة بن مسروق العبسي هو من دخلها أولًا.
تراث باق في الذاكرة
ورغم مرور قرون طويلة على هذه الحادثة، لا تزال أسطورة «عروس النيل» حاضرة في وجدان بعض المصريين، وتذكر دائمًا كرمز لمرحلة من التحول الحضاري والديني الكبير، عندما أوقف الإسلام واحدة من أقدم الطقوس الفرعونية، وأحل محلها رحمة وعدلًا وإيمانًا بالله الواحد القهار.
- النيل
- شهيرة
- آلام
- مرور
- تمر
- السن
- كتب
- المصريين
- الهلع
- القصص
- وقت
- البط
- طقوس
- الجفاف
- المصري
- حكم
- الذاكرة
- كتاب
- حادث
- دية
- الفتاة
- فتاة
- الوقت
- السبت
- صباح
- جفاف
- الإسلام
- خرافات
- مصر
- الماء
- بداية
- عمر بن الخطاب
- الخليفة
- تاريخ مصر
- الطقس
- ألواح
- الخطأ
- الرحمة
- خوف
- طقس
- السب
- ضار
- البشر
- رسالة
- عمرو
- البلاد
- مصريين
- المسلم
- الثياب
- طاقة
- قطع
- ليل
- الله
- سكر
- فرعون
- هلع
- الطب
- السنة
- الأسطورة
- النفس
- القارئ نيوز