الجمعة 04 يوليو 2025 الموافق 09 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

«المعلم رضا»..أيقونة ابن البلد الذي خطف القلوب وظل يبدع حتى الرمق الأخير

الفنان محمد رضا
الفنان محمد رضا

 قبل ثلاثة عقود، ودعت الساحة الفنية المصرية والعربية واحدا من أهم رموزها، الفنان الكبير محمد رضا، الذي رحل عن عالمنا في 21 فبراير عام 1995، بعد مشوار فني طويل، امتلأ بالعطاء والإبداع والقدرة الفريدة على تجسيد شخصية «المعلم» المصري الأصيل، التي جعلته الأقرب إلى قلوب الناس بمختلف فئاتهم وأعمارهم.

البداية من الهندسة.. إلى خشبة المسرح

ولد محمد رضا في ديسمبر عام 1921 بمحافظة أسيوط، وكان حلمه الأول أن يصبح مهندسًا، فحصل على دبلوم الهندسة التطبيقية العليا عام 1938، وعمل بالفعل كمهندس بترول لفترة من حياته. 

لكن الفن كان يناديه، خاصة بعد أن نصحه صديقه المقرب الفنان الراحل توفيق الدقن بالسير في هذا الاتجاه.

تتلمذ محمد رضا على يد عمالقة المسرح المصري أمثال يوسف وهبي وزكي طليمات، حيث تعلم منهم أصول الأداء المسرحي والانضباط المهني، فبدأ مشواره بأدوار قصيرة على خشبة المسرح، قبل أن يجد طريقه نحو عالم السينما الذي احتضنه بحب، ليبدأ منه رحلته الحقيقية مع الشهرة.

«المعلم».. الدور الذي صنع نجوميته

برز محمد رضا بشكل خاص في أدوار «ابن البلد» والمعلم صاحب الجدعنة وخفة الظل، وهي الشخصية التي التصقت به في أذهان الجمهور حتى صار يلقب بـ«المعلم رضا».

 وأبدع في تقديم تلك الشخصية بحس شعبي خاص، وبملامح دقيقة في الأداء والملبس، حتى أنه كان يمتلك ترزيًا خاصًا لتفصيل العباءة البلدي التي اشتهر بها.

ومن أشهر أدواره التي ترسخت في الذاكرة، شخصية «المعلم كرشة» في فيلم «زقاق المدق» المأخوذ عن رواية نجيب محفوظ، و«الأسطى محمود»، و«معبودة الجماهير» أمام عبد الحليم حافظ وشادية، وهي أدوار أظهرت قدرته الفائقة على المزج بين الكوميديا والدراما والواقعية الشعبية.

إذاعة وتليفزيون.. وعشق لا ينتهي للراديو

إلى جانب السينما، كان محمد رضا أحد أبرز نجوم الدراما الإذاعية، وحقق نجاحا لافتا في مسلسل «شنطة حمزة»، الذي كان بمثابة بوابة عبوره إلى قلوب جمهور الراديو، ليقرر لاحقا تقديم جزء ثانٍ منه بعنوان «رضا بوند»، إنتاجًا وتمثيلًا، تأكيدًا على حبه لهذا اللون من الفنون.

أما في التليفزيون، فقد تألق في عدد من المسلسلات الناجحة، مثل «ألف ليلة وليلة»، و«الرجل والحصان»، و«يوميات ونيس»، و«بطل الدوري»، حيث جسد شخصيات تنتمي للشارع المصري بطبيعته وتفاصيله، ليصبح مع الوقت أحد أكثر الفنانين تعبيرًا عن «الناس العاديين».

«ساكن قصادي».. العمل الأخير ورحلة الوداع

كان مسلسل «ساكن قصادي» هو آخر ما قدمه الفنان الراحل، حيث شارك في جزئه الأول بشخصية المعلم سيد الأخضر أمام النجمتين سناء جميل وخيرية أحمد، والمخضرم عمر الحريري. 

وفي الجزء الثاني، قدم شخصية جديدة هي المعلم شحاتة، ولكن القدر لم يمهله استكمال الحلقات، حيث وافته المنية بعد الإفطار في أحد أيام رمضان، وهو ما اضطر فريق العمل إلى تعديل السيناريو لاستكمال المسلسل بدون «المعلم رضا».

فن لا يموت.. وذكرى لا تنسى

على مدار مشواره الفني الطويل، نجح محمد رضا في أن يحجز لنفسه مكانًا فريدًا في ذاكرة السينما والتليفزيون المصري، ليس فقط لقدرته التمثيلية، ولكن أيضًا لما حمله من صدق وتواضع وإنسانية جعلته قريبًا من الناس بحق.

ورغم اقتصار أدواره في كثير من الأحيان على شخصية المعلم الشعبي، إلا أنه استطاع تقديمها بشكل غير مكرر، حيث كان يستلهم أداءه من احتكاكه الحقيقي بأهل القهاوي والمعلمين في المناطق الشعبية، فكان ممثلًا يعيش شخصيته، لا يؤديها فقط.

رحيل الجسد.. وبقاء الروح الفنية

رحل محمد رضا، لكن «المعلم رضا» لا يزال حاضرًا في قلوب محبيه، بأفلامه ومسلسلاته وصوته الإذاعي ونبرة صوته المميزة، وابتسامته المرسومة دوما، وحبه الذي زرعه في كل بيت مصري.

 عاش ومات وهو يقدم الفن بروح «ابن البلد»، الصادق، الجدع، الذي لا يبخل بالبهجة ولا يتأخر عن أداء واجبه الفني حتى آخر نفس.

وبذلك، يظل محمد رضا نموذجا فريدا لفنان من طراز خاص، كانت حياته مليئة بالعمل والعطاء، ورحل عن عالمنا وهو لا يزال يعطي، تاركا لنا إرثا فنيا لا ينسى، ورسالة حب وشغف تتداول بين الأجيال، تقول: «هكذا يكون الفنان الحقيقي».

تم نسخ الرابط