الأحد 27 يوليو 2025 الموافق 02 صفر 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

قبل اختراع واقي الشمس.. هكذا كان الأجداد يحمون أنفسهم من لهيب الشمس

القارئ نيوز

في مثل هذه الأيام من الصيف، ومع ارتفاع درجات حرارة الشمس، يحرص كثيرون على اتخاذ احتياطاتهم قبل الخروج في النهار، مثل استخدام واقي الشمس، وارتداء النظارات الشمسية والقبعات.

 لكن هل فكرت يومًا كيف تعامل الإنسان القديم مع أشعة الشمس قبل اكتشاف الكريمات الواقية؟

رغم أن المفاهيم العلمية الحديثة حول تأثير الأشعة فوق البنفسجية على الجلد لم تظهر إلا في القرن التاسع عشر، فإن محاولات حماية الجلد من الشمس تعود إلى آلاف السنين، حيث لجأ الإنسان إلى وسائل بدائية لكنها مبتكرة وفقًا لمعطيات عصره.

بداية بدائية.. الجلد والألياف أداة للحماية

تشير الأدلة الأثرية إلى أن محاولات حماية الجسم من أشعة الشمس تعود إلى عصور ما قبل التاريخ. في تلك الفترات، لم تكن هناك مفاهيم واضحة عن «الوقاية من الشمس»، لكن الحاجة إلى تغطية الجسم كانت موجودة. 

فكما استخدم الإنسان الأوائل جلود الحيوانات والألياف النباتية للتدفئة شتاء، لجأ إلى تغطية جسده بها أيضًا لحجب حرارة الشمس خلال الصيف.

مع تطور الحضارات، دخلت الأقمشة المنسوجة كأداة بديلة أكثر راحة وكفاءة لحجب الشمس، وبدأ الوعي يتشكل بأن الحماية من الشمس ليست ترفًا، بل ضرورة.

الحضارة المصرية القديمة.. مظلات وكريمات طبيعية

في مصر القديمة، وخاصة بين الطبقات العليا، كانت الوقاية من الشمس مرتبطة بالهيبة والمكانة الاجتماعية. 

فكلما كانت البشرة أفتح، دلّ ذلك على قلة التعرض للعمل في الحقول، وبالتالي الانتماء إلى طبقة أرستقراطية.

ولذلك، استخدمت النساء والرجال من علية القوم المظلات المصنوعة من أوراق البردي أو القماش، وغالبًا ما كانت تحملها خادمات.

 كما استخدموا مستحضرات طبيعية موضعية لحماية البشرة من الجفاف والشمس، كخليط الزيوت النباتية والعسل والأعشاب.

أوروبا القرن السادس عشر.. «الفيسارد» لحماية الأرستقراطيات

مع مطلع القرن السادس عشر، ظهر اتجاه غريب في أوروبا، لا سيما في فرنسا وإنجلترا، لحماية البشرة من الاسمرار الناتج عن الشمس. 

حيث استخدمت النساء الأقنعة المخملية المعروفة باسم «فيسارد» (Visard)، والتي كانت وسيلة للحفاظ على نقاء البشرة وتأكيد الرقي الاجتماعي.

تلك الأقنعة كانت تُصنع من المخمل الأسود، وتُبطّن بالحرير من الداخل، مع فتحات صغيرة للعينين والفم، وبروز عند الأنف. 

وكانت تثبت بطريقة غير مألوفة: خرزة أو زر صغير يُمسك بين الأسنان، ما جعل ارتداءها غير مريح إطلاقًا، ويمنع صاحبتها من التحدث أثناء وضعه.

ورغم هذا العيب، كانت الأقنعة تعتبر جزءًا من الأناقة الأرستقراطية في ذلك الوقت، وأداة للحفاظ على «رقة» ملامح الوجه.

قرار ملكي ينهي موضة الأقنعة

في عام 1704، أصدرت الملكة آن ملكة بريطانيا، قرارًا يمنع ارتداء أقنعة الفيسارد داخل المسارح، وهو ما تسبب في تراجع شعبيتها. 

إذ لم تعد الأقنعة مقبولة في الأماكن العامة، ومع مرور الوقت، تلاشت موضتها، وفقدت رمزيتها الاجتماعية تمامًا.

ومنذ ذلك الحين، بدأت طرق الحماية من الشمس تتخذ أشكالًا أكثر راحة وعملية، إلى أن ظهرت المستحضرات الكيميائية المعروفة اليوم باسم "واقي الشمس"، والتي وفرت بديلاً فعالًا وسهل الاستخدام.

الوقاية مستمرة.. وعلوم الجلد تتطور

مع تطور الطب، أدرك الإنسان أن أشعة الشمس، رغم أهميتها للحياة، قد تُسبب ضررًا مباشرًا للبشرة عند التعرض المفرط لها.

 وبدأت الأبحاث تتوسع حول تأثير الأشعة فوق البنفسجية على الجلد، وأهمية الوقاية اليومية، خاصة في فصول الصيف.

واليوم، تتنوع مستحضرات الوقاية بين الكريمات والبخاخات والزيوت، مع مؤشرات حماية (SPF) مختلفة حسب درجات الأشعة المتوقعة.

العودة إلى الماضي.. والاعتراف بحكمة الأجداد

رغم أن العصر الحديث وفّر وسائل أكثر تطورًا لحماية البشرة، إلا أن العودة إلى تاريخ تعامل الإنسان مع الشمس تكشف عن وعي مبكر بأهمية حماية الجسم، سواء عبر الأقمشة، أو الظل، أو المستحضرات الطبيعية.

وفي النهاية، تبقى الشمس صديقة وخصمًا في آنٍ واحد، ويظل التوازن هو المفتاح؛ فنستمتع بدفئها دون أن نُهمل وسائل الوقاية.

تم نسخ الرابط