كل ما تريد معرفته عن «صلاة التسابيح».. فضلها وطريقة أدائها

صلاة التسابيح تعد من الصلوات التي دار حولها الكثير من النقاش بين العلماء، إذ يرى فريق من الفقهاء أنها «مشروعة ومستحبة» مثل الشافعية والحنفية، وهناك قول عند الحنابلة بجوازها، بينما يرى فريق آخر أنها غير مستحبة استنادًا إلى تضعيف الحديث الوارد فيها ومخالفة هيئتها عن باقي الصلوات المعروفة، وقد نُقل هذا الرأي عن الإمام أحمد، كما أشار الحافظ ابن حجر في كتابه «التلخيص» إلى ميله لهذا القول بعد أن ذكر أن ابن تيمية والمزي قد ضعّفا الحديث المتعلق بها.
حديث صلاة التسابيح ومصادره
رُوي حديث صلاة التسابيح من عدة طرق وعن عدد من الصحابة، وقد أخرجه العديد من أئمة الإسلام وحفاظ الحديث، ويُعتبر حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما هو من «أمثل طرقها»، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما: «يا عباس يا عماه ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحبك ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره قديمه وحديثه خطأه وعمده صغيره وكبيره سره وعلانيته، عشر خصال أن تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشر مرات، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشر مرات، ثم تهوي ساجدًا فتقولها وأنت ساجد عشر مرات، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشر مرات، ثم تسجد فتقولها عشر مرات، ثم ترفع رأسك فتقولها عشر مرات، فذلك خمس وسبعون تسبيحة في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، فإن استطعت أن تصليها كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة» وقد رواه البخاري في جزء القراءة خلف الإمام وأبو داود وابن ماجه في سننهما وابن خزيمة في صحيحه.
ماذا يُقرأ في ركعات صلاة التسابيح
يُستحب أن يقرأ المسلم في ركعات صلاة التسابيح الأربع بعد الفاتحة سورًا ذات فضل عظيم، بحيث يحصل على أكبر قدر من الثواب، ومن الأمثلة على ذلك أن يقرأ في الركعة الأولى سورة «الزلزلة» وفي الثانية سورة «الكافرون» وفي الثالثة سورة «النصر» وفي الرابعة سورة «الإخلاص»، والغاية أن تكون القراءة ذات أثر في زيادة الحسنات وتقوية الخشوع، ولا يشترط الترتيب المحدد ولكن يُفضل اتباع ما ورد في بعض الروايات لزيادة الفضل.
حكم أدائها جماعة أو فرادى
يجوز أداء صلاة التسابيح جماعة أو فرادى، وكلا الأمرين جائز شرعًا، إلا أن بعض العلماء نصحوا بأن تكون فرادى لتجنب الاعتقاد بفرضيتها أو إلزاميتها على جماعة المسلمين، والأهم هو أن يؤديها المسلم ولو مرة واحدة في حياته، إذ ورد في الحديث أن من أداها ولو مرة في عمره نال المغفرة الشاملة لذنوبه.
كيفية أداء صلاة التسابيح بالتفصيل
تؤدى صلاة التسابيح بإقامة أربع ركعات بتسليمة واحدة، ويقرأ المصلي في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة من اختياره، وبعد الانتهاء من القراءة وقبل الركوع يقول المصلي وهو قائم التسبيحات الأربع «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» خمس عشرة مرة، ثم يركع وبعد التسبيح المعتاد في الركوع يقول نفس التسبيحات عشر مرات، ثم يرفع رأسه من الركوع قائلًا «سمع الله لمن حمده» ويتبعها بالتسبيحات عشر مرات، ثم يهوي للسجود فيقول التسبيحات عشر مرات بعد التسبيح المعتاد في السجود، ثم يرفع رأسه من السجود ويجلس بين السجدتين ويقولها عشر مرات، ثم يسجد مرة أخرى ويقولها عشر مرات، ثم يرفع رأسه من السجود في جلسة خفيفة ويقولها عشر مرات، فيكون مجموع التسبيحات في الركعة الواحدة خمسًا وسبعين، وبإتمام الأربع ركعات يبلغ العدد ثلاثمائة تسبيحة.
فضل صلاة التسابيح وأثرها الروحي
من أبرز ما يميز صلاة التسابيح أن فضلها لا يقتصر على مغفرة الذنوب فقط، بل إنها تمنح القلب راحة وسكينة، كما أنها تذكر المسلم بفضل التسبيح المستمر، فهي تجمع بين الصلاة والذكر، وتزيد من الصلة بالله تعالى، وهذا يجعلها فرصة عظيمة لمن يرغب في تكفير الذنوب الماضية وتجديد العهد مع الله، خاصة إذا أداها بخشوع وحضور قلب.
آراء المعاصرين حول صلاة التسابيح
في العصر الحديث، اختلفت آراء العلماء والدعاة حول مدى صحة الحديث المتعلق بصلاة التسابيح، فهناك من أكد صحة بعض طرقه ومن ثم استحبابها، وهناك من أضعف جميع الروايات وبالتالي لم يستحب أداءها، إلا أن كثيرًا من العلماء أشاروا إلى أنه لا حرج على من أراد أن يصليها بنية النفل المطلق، طالما أنه لا يعتقد فرضيتها أو لزومها على المسلمين.
متى يُنصح بأداء صلاة التسابيح
يمكن أداء صلاة التسابيح في أي وقت من أوقات النوافل المسموح بها، غير أن بعض المسلمين يفضلون صلاتها في الأوقات التي يكون فيها القلب أكثر خشوعًا مثل جوف الليل أو في أيام الجمع أو في العشر الأواخر من رمضان، وذلك لما لهذه الأوقات من فضل خاص في مضاعفة الحسنات واستجابة الدعاء.