الجمعة 26 سبتمبر 2025 الموافق 04 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

بعد 400 عام.. اكتشاف كلب مخفي بلوحة حارس الليل

ترميم لوحة حارس الليل
ترميم لوحة حارس الليل

في إنجاز جديد يُضاف إلى سجل الاكتشافات الفنية، أعلن متحف ريجكس في أمستردام أن الكلب الذي يظهر في الزاوية اليمنى السفلية من لوحة «حارس الليل» الشهيرة للفنان رامبرانت فان راين، لم يكن من محض خياله، بل كان مستندًا إلى رسم شعبي معروف من القرن السابع عشر. 

ويُعد هذا الكشف، الذي نُشر على موقع «artnews»، دليلاً جديداً على آليات تفكير رامبرانت في إبداع إحدى أشهر اللوحات في تاريخ الفن، ويُسلط الضوء على دور الفن الشعبي في التأثير على أعمال كبار الفنانين.

«عملية حارس الليل».. مشروع ترميم عملاق يكشف الأسرار

جاء هذا الاكتشاف المثير للدهشة في سياق مشروع الترميم والدراسة الشاملة للوحة «حارس الليل»، وهي المبادرة التي أُطلق عليها اسم «عملية حارس الليل»، وبدأت في عام 2019.

 وتجري هذه العملية، التي تُقدر تكلفتها بملايين الدولارات، داخل غرفة زجاجية مُصممة خصيصاً في قاعات العرض بالمتحف، مما يسمح للجمهور بمتابعة مراحل الترميم عن قرب.

ووفقاً لما نشره موقع المتحف، تجمع المبادرة بين نخبة من الخبراء في مجالات متعددة، من بينهم علماء ومرممين ومنسقين، بالإضافة إلى شركاء من القطاع الخاص مثل شركة «أكزونوبل»، بهدف الحفاظ على اللوحة في حالة مثالية للأجيال القادمة. 

وتتضمن العملية أيضاً إزالة طبقة «الورنيش الأصفر» التي تراكمت على اللوحة بمرور القرون، مما يعيد إليها ألوانها الأصلية النابضة بالحياة.

اكتشاف بالصدفة.. عين أمينة المتحف تلاحظ التشابه

لم يأتِ هذا الاكتشاف الجديد نتيجة بحث مخطط له مسبقاً، بل كان وليد صدفة بارعة وقوة ملاحظة دقيقة من قبل آن ليندرز، أمينة معرض «عملية الحراسة الليلية». 

ففي زيارة قامت بها ليندرز لمعرض أدريان فان دي فين في متحف «زيوس» بمدينة ميدلبورغ الهولندية، تذكرت على الفور الكلب الذي رسمه رامبرانت.

 وقد صرحت في بيان لافت: «عندما رأيت الرسم في أحد المعارض، تذكرت على الفور الكلب في لوحة الحراسة الليلية، يشبه رأس الكلب وطوقه ووضعيته بشكل كبير، مما يعني أن رامبرانت استخدم هذا الرسم كمصدر إلهام وقد أكدت الأبحاث بعد ذلك».

ورغم التشابه الواضح، إلا أن لندرز صرحت لصحيفة «نيويورك تايمز» بأنه من غير الواضح تماماً ما إذا كان رامبرانت قد استلهم من نسخة فان دي فين الأصلية، وهي صفحة عنوان كتاب جاكوب كاتس «الصراع الذاتي» الصادر عام 1620، أم من نقش آخر نسخ كلب فان دي فين للفنان فرانسوا شيلمانز، وهو ما يُشير إلى أن الفنانين كانوا يستفيدون من أعمال بعضهم البعض عبر نسخ المطبوعات والنقوش.

دليل علمي قاطع.. الأشعة السينية تكشف الرسومات المخفية

ولم يكتفِ الباحثون بالملاحظة البصرية، بل لجأوا إلى أحدث التقنيات العلمية لتأكيد فرضيتهم. وكجزء من المشروع الضخم، أخضع الباحثون جزء اللوحة الذي يظهر فيه الكلب لتحليل «فلورسنت الأشعة السينية الكبيرة» (MA-XRF). 

وكما هو متوقع في مثل هذه التحليلات، كشفت الأشعة عن رسم تخطيطي غير مكتمل أسفل طبقات الألوان الظاهرة.

وقد أظهر هذا الرسم الخفي الكلب «بساقه الأمامية اليمنى أكثر ثنيًا، والصدر أقرب إلى الأرض»، وهي وضعية تُعتبر أكثر تشابهاً مع رسم فان دي فين الأصلي. 

ويُقدم هذا الدليل العلمي القاطع تأكيداً لا لبس فيه على أن رامبرانت قد اعتمد على رسم خارجي قبل أن يُعدّل وضعية الكلب قليلاً في اللوحة النهائية.

رامبرانت وتأثير الفن الشعبي.. العبقرية تتكئ على المصادر المتاحة

يُلقي هذا الاكتشاف الضوء على جوانب جديدة من العملية الإبداعية لرامبرانت. فهو يُظهر أن رامبرانت، على الرغم من عبقريته الفذة، كان أيضاً فناناً عاملاً يستلهم من مصادر مختلفة ومتاحة في عصره، بما في ذلك الرسوم الشائعة والمطبوعات.

 هذا السلوك لا يُقلل من قيمة عمله، بل على العكس، يُعطينا فهماً أعمق لآليات تفكير الفنان وكيف كان يجمع بين ملاحظاته الشخصية والمصادر الفنية المتاحة لديه ليُنتج تحفة خالدة مثل «حارس الليل».

شهادة مدير المتحف.. اكتشافات لا تتوقف بعد 400 عام

ولخص تاكو ديبيتس، المدير العام لمتحف ريجكس، أهمية هذا الكشف في بيان صحفي قائلاً: «من اللافت للنظر استمرار اكتشافات جديدة حول إحدى أكثر اللوحات دراسة في العالم، بعد مرور ما يقرب من 400 عام على رسمها، يمنحنا هذا الاكتشاف فهمًا أعمق لآليات تفكير رامبرانت عند إبداعه هذا العمل».

 وتُؤكد كلماته أن التحف الفنية العظيمة لا تتوقف عن إثارة الدهشة، وأن العلم الحديث يُمكن أن يُفتح أبواباً جديدة لفهم أعمال الماضي بشكل لم يكن ممكناً من قبل.

تم نسخ الرابط