نصاب قانوني وجلسة حاسمة.. البرلمان الليبي يستعرض برامج 14 مرشحا لرئاسة الحكومة

عقد مجلس النواب الليبي، اليوم الثلاثاء، جلسة رسمية في مقره بمدينة بنغازي برئاسة المستشار عقيلة صالح، وحضور النائب الأول فوزي النويري، وذلك للاستماع إلى برامج المترشحين لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، في خطوة وُصفت بأنها بداية عملية سياسية جديدة تهدف إلى تجاوز حالة الجمود واستكمال المرحلة الانتقالية بالبلاد.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبدالله بليحق، في تصريحات صحفية، أن الجلسة خُصصت بالكامل لعرض الرؤى والمقترحات التي تقدم بها المرشحون لتشكيل الحكومة المرتقبة، حيث يطمح البرلمان من خلال هذه الخطوة إلى اختيار حكومة موحدة تكون قادرة على إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية وتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية في أقرب وقت ممكن.
نصاب قانوني يضمن شرعية الجلسة
وبحسب مصادر برلمانية حضرت الاجتماع، فقد تجاوز عدد النواب الحاضرين 60 نائبًا، وهو ما أتاح النصاب القانوني اللازم لانعقاد الجلسة رسميًا وفقًا للائحة الداخلية المنظمة لأعمال البرلمان.
وتمثل هذه الجلسة أهمية سياسية بالغة في ظل الانقسامات التي تعيشها ليبيا على مستوى السلطة التنفيذية، في وقت يتطلع فيه الشارع الليبي إلى إنهاء مرحلة الحكومات المؤقتة والذهاب نحو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تعثرت عدة مرات بسبب الانقسامات والصراعات الإدارية والدستورية.
14 مرشحًا.. وملفات غير مكتملة
وفي الوقت الذي تقدم فيه 14 شخصية ليبية بترشيحاتهم لرئاسة الحكومة الجديدة، كشفت المصادر أن اثنين فقط من المتقدمين استكملوا ملفاتهم الترشحية بشكل قانوني وكامل.
وعلى الرغم من ذلك، قرر المجلس السماح لجميع المترشحين بتقديم برامجهم الانتخابية وعرض رؤيتهم أمام النواب، على أن يتم لاحقًا النظر في مدى استيفاء كل منهم للشروط القانونية والإدارية المطلوبة.
وتضمنت البرامج المقدمة محاور متعددة، أبرزها توحيد المؤسسات، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وإعادة هيكلة قطاع الأمن، إضافة إلى الالتزام بإجراء انتخابات نزيهة في موعدها، والعمل على إنهاء التدخلات الأجنبية وتعزيز السيادة الوطنية.
عقيلة صالح.. نسعى لحكومة توافقية
وفي مستهل الجلسة، أكد رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح على أهمية التوافق بين كافة الأطراف الليبية من أجل إنجاز هذه المرحلة الحساسة، مشددًا على أن البرلمان سيسعى لاختيار حكومة قادرة على العمل في كل المدن الليبية دون استثناء، وتستند إلى قاعدة دعم شعبي ومؤسسي تضمن استقرار البلاد.
وأضاف صالح أن ليبيا تمر بظرف دقيق يتطلب التحرك بسرعة من أجل توحيد الصفوف وإنهاء حالة الانقسام، مشيرًا إلى أن المسار السياسي يجب أن يُستكمل عبر آليات واضحة ووفق خارطة طريق تقود إلى انتخابات تنهي المرحلة الانتقالية الطويلة التي أنهكت الليبيين.
النويري.. أولوية المواطن فوق كل اعتبار
ومن جانبه، دعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي النويري، المرشحين إلى التركيز في برامجهم على تحسين معيشة المواطن الليبي، وتقديم حلول واقعية للأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد، مؤكدًا أن الأولوية لدى المجلس ستكون لاختيار شخصية تنفيذية لديها القدرة على الإنجاز والتواصل مع كل الأطراف.
وأشار النويري إلى أن المجلس سيأخذ وقته في دراسة البرامج المقدمة بعناية، ولن يتسرع في اتخاذ القرار، وأن هدف الجميع هو تشكيل حكومة فاعلة تؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار والبناء المؤسسي.
ترقب شعبي واسع واهتمام دولي
وأثارت الجلسة اهتمامًا شعبيًا وإعلاميًا واسعًا داخل ليبيا، حيث يترقب الشارع الليبي ما ستؤول إليه نتائج هذه التحركات البرلمانية، في وقت عبرت فيه العديد من الأطراف الدولية عن دعمها لأي جهود تقود إلى تشكيل حكومة توافقية تمهد للانتخابات.
وكانت عدة بعثات دبلوماسية، منها البعثة الأممية للدعم في ليبيا، قد شددت في بيانات سابقة على ضرورة أن تكون الحكومة الجديدة ممثلة لكل الليبيين، وتحظى بشرعية داخلية كافية، وألا تؤدي إلى مزيد من الانقسام أو تعقيد المشهد السياسي.
الخطوة التالية
وبحسب ما أعلنه المتحدث باسم مجلس النواب، فإنه من المنتظر أن تُعقد جلسة لاحقة خلال أيام، تخصص لمناقشة ما تم عرضه من برامج، والبدء في إجراءات اختيار المرشح النهائي لتشكيل الحكومة، وذلك بعد التحقق من استيفاء الملفات الترشحية لكافة المتطلبات القانونية والفنية.
ويأتي هذا التحرك ضمن محاولات مجلس النواب لإعادة الزخم إلى العملية السياسية، بعد شهور من الجمود والتعثر، في وقت تزداد فيه التحديات الاقتصادية والأمنية التي تتطلب تدخلًا تنفيذيًا فعالًا يلقى قبولًا داخليًا وخارجيًا.