لم يحج رغم توفر المال وتوفي.. ما الواجب على ورثته؟ الأزهر يوضح

الأزهر الشريف تلقى عبر مركزه العالمي للفتوى الإلكترونية تساؤلًا ورد من أحد المواطنين يقول فيه إن والده قد تُوفي وهو «ميسور الحال» وكان قادرًا على أداء فريضة الحج لكنه لم يحج طوال حياته ويتساءل السائل عما يجب على أهل هذا المتوفى أن يفعلوه تجاه هذا التقصير في ركن من أركان الإسلام الخمسة.
تشديد القرآن على فريضة الحج
أكد الأزهر من خلال رده المنشور على الموقع الرسمي للمركز العالمي للفتوى الإلكترونية أن فريضة الحج من أركان الإسلام التي لا يجوز التهاون فيها أو تأجيلها بلا عذر شرعي واضح مشيرًا إلى أن القرآن الكريم شدد على ذلك في قوله تعالى «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين» موضحًا أن ذكر الكفر هنا جاء للتنبيه على خطورة ترك الحج مع القدرة عليه دون مبرر شرعي حيث إن المسلم مطالب بأداء هذه الفريضة إذا كان قادرًا عليها من الناحية الجسدية والمالية.
وفي هذا السياق أشار الأزهر إلى أن بعض العلماء الكبار ومنهم العلامة ابن حجر المكي ذهبوا إلى اعتبار ترك الحج مع الاستطاعة حتى الموت من «كبائر الذنوب» وهو قول شديد في التحذير من التقاعس عن أداء هذه الفريضة.
ما يجب على ورثة المتوفى الذي لم يحج
أوضح الأزهر أن ما يجب على أهل المتوفى الذي كان قادرًا على الحج ولم يؤده هو أن يتم الحج عنه من ماله قبل توزيع التركة على الورثة بحيث يتم اقتطاع نفقة الحج من المال الذي تركه ويُرسل بها من يحج عنه وذلك لأن دين الله أولى بالقضاء كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأضاف الأزهر أن هذا الحكم مستند إلى حديث نبوي شريف رواه الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له إن أخته قد نذرت أن تحج لكنها ماتت قبل أداء الحج فقال له النبي «لو كان عليها دين أكنت قاضيه؟» فأجاب الرجل بنعم فقال له النبي «فاقض الله فهو أحق بالقضاء».
حج النيابة في حياة الورثة وبعد الوفاة
في سياق متصل أشار الأزهر إلى حديث آخر رواه البخاري أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنه أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت إن أمها نذرت أن تحج لكنها ماتت قبل أن تفعل ذلك وسألته هل يجوز أن تحج عنها فأجابها النبي بالإيجاب وقال لها «نعم حجي عنها أرأيتِ لو كان على أمك دين أكنتِ قاضيته؟» فقالت نعم فقال «اقضوا الله الذي له فإن الله أحق بالوفاء».
وأكد الأزهر أن هذه الأحاديث تدل بشكل قاطع على أن الحج دين في ذمة الإنسان إذا توفرت له شروط الاستطاعة وإن لم يقم به خلال حياته فإن من واجب أهله وأولاده أن يؤدوه عنه بعد وفاته.
الحج من مال المتوفى لا من أموال الورثة
بيّن الأزهر أن المبلغ الذي يتم به أداء فريضة الحج عن المتوفى يجب أن يُستخرج من ماله الخاص وليس من أموال الورثة أو من صدقاتهم الخاصة حيث يُعد هذا ضمن الحقوق المتعلقة بالتركة والتي يجب قضاؤها قبل توزيع الإرث مثل الديون والوصايا والحقوق الشرعية الأخرى.
كما شدد الأزهر على أن تساهل البعض في أداء فريضة الحج رغم القدرة يُعد نوعًا من التقصير الشديد في حق الله تعالى وأن أهل المتوفى إذا علموا أنه مات دون حج مع استطاعته فإن من واجبهم الشرعي أن يبادروا إلى «قضاء هذا الدين» قبل كل شيء آخر.
رسالة الأزهر إلى المسلمين
اختتم الأزهر بيانه برسالة موجهة إلى عموم المسلمين تؤكد على أهمية اغتنام فرص الحياة وأداء الفرائض في أوقاتها وعدم التهاون في حقوق الله تعالى لاسيما الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج لمن استطاع إليه سبيلًا كما دعا المسلمين إلى تعليم أولادهم هذه الأحكام والحرص على نشر الوعي الديني الصحيح في الأسرة والمجتمع لأن «التفريط في الفريضة» يترك أثرًا يمتد لما بعد الوفاة ويحمّل الورثة مسؤوليات كان من الممكن تفاديها في حياة الفرد.
سبع مرات ووصية نبوية خالدة
وبهذا يكون الأزهر قد أوضح أن أداء الحج ليس مجرد عبادة موسمية وإنما واجب شرعي واجب الأداء حال توفر شروطه وأن وصية النبي صلى الله عليه وسلم في قضاء ديون الله لا تزال حاضرة في فكر الأمة مشيرًا إلى أن كل مسلم يجب عليه أن يتحرى عن أداء الفريضة في وقتها حتى لا يقع في المحظور كما فعل البعض ممن تركوا الدنيا دون أداء ما وجب عليهم من «حقوق الله» ويتركوا لأبنائهم عبئًا كان الأجدر أن يتحملوه هم في حياتهم.