قبل أداء المناسك.. تعرف على محظورات الحج وكفارة كل مخالفة

الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو عبادة عظيمة وشعيرة فريدة يحرص عليها المسلمون من كل أقطار الأرض، ومع اقتراب موسم الحج، تتجدد الأسئلة حول «محظورات الحج» وما يترتب عليها من «كفارات»، وهي الأحكام التي شرعها الدين الحنيف لجبر ما قد يقع فيه الحاج من أخطاء أو نواقص، ويستعرض القارئ نيوز في هذا المقال تفصيلاً دقيقاً لتلك المحظورات، والكفارات التي تترتب على كل منها، كما حددتها دار الإفتاء المصرية وهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
معنى كفارات الحج
أوضحت «دار الإفتاء» أن «كفارات الحج» يقصد بها ما شرعه الإسلام من وسائل لتعويض النقص أو الخلل الذي قد يصيب شعيرة الحج نتيجة ارتكاب أحد «محظورات الحج»، سواء كان ذلك بسبب ترك واجب من واجبات الحج، أو القيام بفعل من الأفعال المحرمة أثناء الإحرام، مشيرة إلى أن هذه الكفارات ليست عقوبة وإنما باب رحمة للتيسير على الحاج واستكمال نسكه بالشكل الصحيح.
كفارة ترك واجب من واجبات الحج
ضمن أبرز صور محظورات الحج، ترك أحد الواجبات الأساسية، وفي هذا السياق توضح الإفتاء أنه من ترك واجباً فعليه أولاً أن يسارع إلى أدائه إن كان الوقت لا يزال يسمح بذلك، أما إذا فاته أداء الواجب أو تعذر عليه تنفيذه دون عذر وكان متعمداً، فعليه فدية تتمثل في «ذبح شاة»، وإن لم يتمكن من ذلك، فيمكنه صيام عشرة أيام، منها ثلاثة أيام أثناء الحج، وسبعة بعد عودته إلى بلده.
كفارة الإحصار.. عند تعذر الوصول للمناسك
من بين محظورات الحج أيضاً ما يعرف بالإحصار، وهو أن يُمنع الحاج من إتمام المناسك بسبب مرض أو تعطل في الإجراءات أو ظرف قهري، وفي هذه الحالة يكون عليه «ذبح شاة» أو تقديم ما يعادلها من الهدي، وهي كفارة تقرها الشريعة للتخفيف عن الحجاج الذين يُعاقون قسراً عن أداء النسك.
كفارة الصيد وفعل المحظورات بالإحرام
ومن بين محظورات الحج أيضاً قتل الصيد البري أثناء الإحرام، وتكون كفارته أن يقدم الحاج هدية تماثل ما صاده من النعم، كذلك يشمل الأمر بعض الممارسات الشائعة كحلق الشعر أو استخدام الطيب أو لبس المخيط أو تقليم الأظفار، فكلها من محظورات الإحرام، ويخير الحاج فيها بين ثلاث كفارات: «ذبح شاة» أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام، وهي اختيارات توضح مدى مرونة الشريعة الإسلامية وتنوع البدائل المتاحة للتيسير على الحجاج.
أخطر محظورات الحج
أما الجماع، فهو أشد محظورات الحج، فإذا وقع قبل التحلل الثاني من الإحرام، فإنه يفسد الحج بشكل كامل، وعلى الحاج في هذه الحالة عدة أمور مرتبة، أولها «ذبح بدنة»، فإن لم يجد فبقرة، وإن لم يستطع فسبع من الغنم، وإذا تعذر عليه ذلك جميعاً، فعليه أن يقدر قيمة البدنة ويشتري بها طعاماً ويوزعه، فإن لم يتمكن فعليه أن يصوم يوماً عن كل مد طعام، بالإضافة إلى أنه يجب عليه استكمال أعمال الحج وقضاء الحجة في العام التالي.
محظورات الإحرام كما يوضحها العلماء
كشف الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عبر صفحته الرسمية، عن تفاصيل دقيقة تتعلق بمحظورات الإحرام، موضحاً أن المخيط المحيط مثل البنطال والقميص يعد من الأمور المحظورة على الرجال، بينما يجوز لبس ما فيه خياطة بشرط ألا يحيط بالجسم، مثل الساعة والخاتم والحزام، أما النساء، فعليهن اجتناب «لبس النقاب» أو تغطية الوجه بالكامل، وإن اضطرت إلى ذلك فبشرط أن تضع شيئاً يفصل بين الغطاء والوجه.
ومن بين المحظورات أيضاً حلق أي شعر في الجسد، سواء الرأس أو الشارب أو الإبط أو العانة أو غيرها، ويشمل ذلك أيضاً إزالة الشعر بالكريمات، كما يُمنع استخدام الطيب أو أي منتج له رائحة عطرية، سواء في الثياب أو على الجسم أو حتى في الطعام، وينصح في هذه الحالة باستخدام صابون أو شامبو خالٍ من الروائح للخروج من دائرة الخلاف بين العلماء.
محظورات أخرى تتطلب كفارات
شملت «محظورات الحج» أيضاً ما يلي: ترجيل الشعر أي تمشيطه أو تسريحه أثناء الإحرام، لأنه قد يؤدي إلى سقوط الشعر، وكذلك تقليم الأظافر إلا إذا تكسرت وكان بها أذى، ومن المحظورات أيضاً قتل الصيد البري أو حتى التعرض له أو لأي من أجزائه مثل الريش أو الشعر، كما يُمنع عقد الزواج أو حتى أن يكون المحرم وكيلاً في عقد نكاح لغيره، فكل ذلك باطل أثناء الإحرام.
أما المباشرة دون الجماع، مثل اللمس فتعد من المحظورات أيضاً، لكنها لا تفسد الحج، وإنما تجب فيها الكفارة، وهي إما «ذبح شاة» أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين داخل الحرم.
فقه التعامل مع المحظورات
أوضح الدكتور علي جمعة أن جميع هذه المحظورات توجب على من يرتكبها كفارة، وهي في الغالب «ذبح شاة»، وإن تعذر فعليه الصيام أو الإطعام، باستثناء الجماع، فهو الفعل الوحيد الذي يُفسد الحج كاملاً، ويجب فيه إعادة النسك من جديد، مؤكداً أن الفدية تضمن استمرار الحج صحيحاً بشرط ألا يكون الفعل قد فسد النسك، مشيراً إلى أن عقد الزواج كذلك لا ينعقد أثناء الإحرام ويكون باطلاً شرعاً.
فقه الحج قائم على التيسير مع الحفاظ على القدسية، فالشريعة الإسلامية وضعت «كفارات الحج» ليس بغرض التضييق، وإنما رحمة بالحجاج الذين قد يقعون في الخطأ عن غير قصد أو نتيجة ظروف خارجة عن إرادتهم، ولهذا فإن فهم هذه الأحكام قبل السفر لأداء المناسك يعد ضرورة لا غنى عنها لكل من ينوي الحج.