الثلاثاء 24 يونيو 2025 الموافق 28 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

ما تفعله «الصدمات النفسية» بالمخ والشخصية.. الأسباب وطرق العلاج

تأثير الصدمات النفسية
تأثير الصدمات النفسية على المخ

الصدمات النفسية تُعد من أكثر التجارب قسوة على الإنسان إذ لا تترك آثارها على المشاعر فقط بل تمتد لتُغيّر كيمياء المخ وتُعيد تشكيل الشخصية بالكامل فما تفعله الصدمات بالمخ والشخصية يتجاوز ما يراه الآخرون ويستلزم فهماً عميقاً لأسبابها وطرق العلاج.

تؤثر «الصدمات» النفسية بشكل بالغ في حياة الإنسان وقد تقلب كيانه الداخلي رأساً على عقب فهذه الصدمات التي قد تنجم عن فقدان عزيز أو التعرض لحادث مؤلم أو العيش في بيئة قاسية لا تمضي ببساطة بل تترك «بصمات غائرة» في الدماغ والعقل والسلوك حيث تشير الدراسات النفسية والعصبية إلى أن التعرض لصدمة شديدة يمكن أن يغير طريقة عمل الدماغ ويؤثر على «التوازن النفسي والعاطفي» للشخص.

كيف تؤثر الصدمات على المخ؟

عند التعرض لأي نوع من أنواع «الصدمات النفسية» يبدأ المخ في إطلاق إشارات تحذير إلى الجسم كرد فعل طبيعي على الخطر ويتم إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين التي ترفع من حالة التأهب وتجعل الجسم في وضع الاستعداد لما يُعرف بـ«الهروب أو المواجهة».

لكن المشكلة تبدأ عندما تستمر هذه الحالة لفترة طويلة حيث تتحول إلى حالة «ضغط مزمن» تؤثر على بنية الدماغ ووظائفه فتتأثر بعض المناطق الحيوية فيه مثل:

اللوزة الدماغية وهي المسؤولة عن تنظيم المشاعر وردود الفعل العاطفية وتصبح مفرطة النشاط بعد الصدمات مما يجعل الشخص أكثر حساسية وخوفاً من المواقف العادية

منطقة الحُصين التي تلعب دوراً مهماً في تكوين الذاكرة تتعرض للتقلص مما يؤدي إلى ضعف القدرة على التذكر وخلل في إدراك الوقت

قشرة الفص الجبهي وهي المنطقة التي تتحكم في اتخاذ القرار وضبط النفس تصبح أقل فاعلية مما يجعل الشخص يعاني من التردد والانفعال الزائد

كل هذه التغيرات تؤكد أن «الصدمات» لا تمر مرور الكرام بل تترك آثارًا حقيقية ملموسة في البنية العصبية للدماغ

الصدمات وتأثيرها على الشخصية

عندما يتعرض الإنسان لصدمات شديدة أو متكررة تبدأ شخصيته في التبدل حيث يُصبح أكثر تحفظًا أو خوفًا أو انعزالًا وتختفي بعض السمات التي كانت جزءًا من كيانه سابقًا كحب الحياة أو التفاؤل أو الانفتاح الاجتماعي.

وقد يظهر التأثير في مظاهر متعددة منها:

• «القلق المزمن» وعدم الشعور بالأمان

• «انعدام الثقة بالآخرين» خاصة إذا كانت الصدمة مرتبطة بالخيانة أو الخذلان

• «فقدان الحماس» وعدم القدرة على التفاعل مع الأحداث الجيدة

• «الميل إلى العزلة» والهروب من التجمعات أو المواقف الاجتماعية

• «الإحساس المستمر بالذنب» أو لوم النفس

• «التقلبات المزاجية الحادة» وعدم استقرار الانفعالات

في بعض الحالات تتطور الصدمات إلى ما يُعرف باضطراب ما بعد الصدمة وهو حالة نفسية معقدة تتطلب علاجًا نفسيًا متخصصًا للتعامل معها

أسباب الصدمات النفسية

تتنوع أسباب «الصدمات النفسية» بين تجارب شخصية ومجتمعية ومن أبرز هذه الأسباب

وفاة شخص مقرب أو خسارة مفاجئة

• التعرض للاعتداء الجسدي أو النفسي

• مشاهدة حادث عنيف أو موقف مروّع

التنمر أو الإهانة المستمرة في الطفولة أو العمل

• الحروب أو الكوارث الطبيعية

الفقر المدقع أو الحرمان العاطفي المزمن

ولا يمكن التقليل من أي تجربة صادمة مهما كانت بسيطة في نظر الآخرين لأن كل عقل يملك حساسيته الخاصة وقدرته المختلفة على التحمّل

علامات تدل على أنك تعاني من آثار صدمة

ليس من السهل دائمًا معرفة أن ما نمر به هو نتيجة «الصدمات» النفسية لأن الأعراض قد تظهر بعد فترة من الحادث الصادم لكن هناك مؤشرات واضحة تستدعي الانتباه منها:

• كوابيس متكررة أو اضطرابات في النوم

خوف غير مبرر من أماكن أو أشخاص أو مواقف

نوبات بكاء مفاجئة أو انفعالات قوية دون سبب واضح

• فقدان الشغف أو الاستمتاع بالحياة

• فرط في النشاط أو السكون الزائد كنوع من الهروب

توتر عضلي مزمن أو مشكلات جسدية بلا سبب عضوي

طرق العلاج والتعافي من الصدمات

رغم أن «الصدمات» قد تبدو تجربة مدمرة إلا أن الإنسان قادر على التعافي منها إذا توفر الدعم النفسي والبيئة الآمنة والتوجيه الصحيح ومن أبرز الطرق الفعالة للعلاج.

العلاج النفسي السلوكي المعرفي وهو من أكثر الطرق فاعلية في التعامل مع الصدمات حيث يعمل على إعادة تأطير الأفكار السلبية وتخفيف الاستجابات العاطفية القوية.

العلاج بالتعرض التدريجي وهو أسلوب يهدف إلى إعادة الشخص للمواقف التي يتجنبها بشكل آمن وتدريجي مما يساعد على كسر ارتباط الخوف بها

العلاج الجماعي حيث يشارك المصاب مشاعره وتجربته مع آخرين مروا بتجارب مشابهة مما يقلل الإحساس بالعزلة

الاسترخاء والتنفس العميق وتقنيات التأمل واليوغا التي تقلل من نشاط اللوزة الدماغية وتعيد للجسم توازنه العصبي

الدعم الاجتماعي المتمثل في وجود أشخاص يتفهمون ويقدمون الدعم دون حكم أو لوم وهو عنصر أساسي في عملية الشفاء

الصدمات ليست النهاية

الصدمات جزء من الحياة لا يمكن تجنبها تمامًا لكنها ليست نهاية الطريق بل هي بداية لفصل جديد من النمو النفسي والوعي الذاتي فبالعلاج والمواجهة يمكن تجاوز آثارها وتحويل الألم إلى قوة تساعد على بناء شخصية أكثر وعيًا وصلابة.

تم نسخ الرابط