الجمعة 26 ديسمبر 2025 الموافق 06 رجب 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

«حصن اللوفر».. خطة بـ92 مليون دولار لتأمين كنوز باريس

متحف اللوفر
متحف اللوفر

لم تكن عملية السطو التي تعرض لها «متحف اللوفر» في التاسع عشر من أكتوبر الماضي مجرد حادثة سرقة عادية، بل كانت «زلزالاً» أمنياً كشف عن ثغرات غير متوقعة في أكثر متاحف العالم شهرة وحراسة. 

ففي جنح الظلام، تمكن أربعة لصوص من اقتحام المتحف عبر «نافذة فرنسية» في قاعة أبولو العريقة، واستولوا على مجوهرات تاريخية ومقتنيات ذهبية قُدرت قيمتها بنحو 102 مليون دولار، قبل أن يلوذوا بالفرار في عملية هوليوودية تركت السلطات الفرنسية في حالة من الذهول.

اليوم، وبعد أشهر من التحقيقات والاستنكار الدولي الواسع، بدأ اللوفر في تنفيذ استراتيجية «الردع الشامل»، حيث تحول المتحف إلى ما يشبه الثكنة العسكرية المحصنة تكنولوجياً، معلناً عن إجراءات أمنية غير مسبوقة تهدف إلى منع تكرار سيناريو «الخريف المرير».

حواجز حديدية وكاميرات محيطية.. ملامح الخطة الكبرى

وفقاً لما نشره موقع «news.artnet»، بدأ المتحف بالفعل في وضع «حواجز حديدية أمنية» متطورة أمام النافذة الفرنسية في قاعة أبولو، وهي النقطة التي استغلها اللصوص للدخول.

 كما شوهدت منذ منتصف ديسمبر الجاري قاعدة عمليات متنقلة تابعة لـ «الشرطة الوطنية الفرنسية» تتمركز بشكل دائم عند دوار كاروسيل، لتشكل خط دفاع أول أمام مداخل المتحف.

وتأتي هذه التحركات ضمن «خطة رئيسية» ضخمة تبلغ ميزانيتها 92 مليون دولار أمريكي، مخصصة بالكامل للأمن والمعدات الحديثة.

 ومن المقرر أن تشهد المرحلة القادمة، وتحديداً في عام 2026، نشر 100 كاميرا مراقبة محيطية جديدة تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد أي تحركات مشبوهة حول أسوار المتحف.

 كما شملت الإجراءات تركيب أجهزة للتباعد الاجتماعي وتنظيم الحشود على رصيف «فرانسوا ميتران»، لضمان عدم استغلال التجمعات البشرية كغطاء لأي محاولات تسلل.

السياح يمولون أمن اللوفر.. زيادة بـ 45% في أسعار التذاكر

لتغطية التكاليف الباهظة لهذه المنظومة الأمنية المتطورة، قرر مجلس إدارة المتحف تحميل جزء من الفاتورة للجمهور والزوار. 

وأعلن اللوفر أنه اعتباراً من 14 يناير 2026، ستشهد أسعار التذاكر قفزة كبيرة بنسبة 45%، لتصل قيمة التذكرة الواحدة إلى 37 دولاراً للزوار من خارج الاتحاد الأوروبي.

ويتوقع المتحف أن تدر هذه الزيادة إيرادات إضافية تتراوح بين 17.38 مليون و23.17 مليون دولار سنوياً، ستوجه بالكامل لتمويل عقود الصيانة الأمنية، وتدريب الموظفين الذي ارتفعت ميزانيته بنسبة 20%، بالإضافة إلى استحداث منصب «منسق أمني» رفيع المستوى سيعمل تحت الإشراف المباشر لرئيسة المتحف، لورانس دي كار، لضمان استجابة سريعة لأي طارئ.

كشف المستور.. شاشات المراقبة كانت الثغرة القاتلة

فجرت التحقيقات الأخيرة مفاجأة من العيار الثقيل حول أسباب نجاح اللصوص في الفرار، حيث تبين أن «غرفة التحكم الأمني» في المتحف كانت تعاني من قصور تقني مذهل؛ إذ لم تكن مزودة بـ «شاشات كافية» لمراقبة كافة لقطات الكاميرات في آن واحد. 

هذا القصور مكن اللصوص من التحرك في زوايا ميتة لم يلحظها أفراد الأمن في وقتها، مما منحهم «وقتاً ذهبياً» للهروب قبل إطلاق صافرات الإنذار.

وعلى خلفية هذه الفضيحة الأمنية، قدمت رئيسة المتحف «لورانس دي كار» استقالتها، إلا أن السلطات الفرنسية ومجلس إدارة المتحف أصروا على رفض الاستقالة وبقائها في منصبها. 

وجاء التبرير بأن دي كار، التي عُينت في عام 2021، لم تُطلع بشكل كافٍ عند استلام مهامها على «أوجه القصور الهيكلية» في النظام الأمني القديم، وأن رحيلها الآن قد يعطل تنفيذ خطة التطوير العاجلة.

مستقبل اللوفر بين الفن والرقابة

بينما يستعد اللوفر للمضي قدماً بحذر أكبر، يرى خبراء أمنيون أن هذه الإجراءات، رغم قسوتها وتكلفتها العالية على السائح، كانت ضرورية لاستعادة الثقة في تأمين «التراث الإنساني». 

ومع تشكيل «لجنة توجيهية للأمن»، يأمل القائمون على المتحف أن تتحول هذه المحنة إلى فرصة لخلق نموذج عالمي في كيفية حماية المتاحف الكبرى، بعيداً عن الثغرات التي جعلت من «سرقة الخريف» وصمة في تاريخ أمن المتاحف الفرنسية.

تم نسخ الرابط