وزيرة الثقافة البريطانية تطالب الـ«BBC» بالاعتذار لترامب

الثلاثاء 11/نوفمبر/2025 - 02:19 م

شهدت الساحة السياسية والإعلامية في المملكة المتحدة تطوراً لافتاً، حيث اقترحت وزيرة الثقافة البريطانية، ليزا ناندي، أن تقدم هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» اعتذاراً رسمياً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

تأتي هذه الدعوة على خلفية خطأ في تحرير مقطع فيديو خاص بخطاب ترامب الذي ألقاه أمام أنصاره قبيل أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021.

ورغم طرحها لمقترح الاعتذار، امتنعت الوزيرة ناندي عن التعليق مباشرة على التهديد الصريح الذي وجهه ترامب بمقاضاة الهيئة الإخبارية العملاقة بمبلغ مالي ضخم يقدّر بـ مليار دولار.

هذا الموقف الحذر من الوزيرة يؤكد مدى حساسية التداعيات التي خلفها هذا الخطأ الإعلامي.

الخلفية المتأزمة: الـ BBC في خضم أزمة داخلية وخارجية

تأتي هذه التطورات بينما تمر «بي بي سي» بأزمة داخلية حادة بدأت باستقالة مديرها العام ورئيس قسم الأخبار، مما هز الثقة في قيادة المؤسسة.

وقد اكتسبت الأزمة بعداً دبلوماسياً خطيراً إثر تهديد ترامب باللجوء إلى القضاء.

هذه التهديدات تضع الحكومة البريطانية في موقف «حرج» بشكل مضاعف، وذلك لعدة أسباب: أولاً، لأن الهيئة ممولة من «أموال دافعي الضرائب» عبر رسوم الترخيص، ما يعني أن أي تعويض مالي محتمل سيأتي في النهاية من المال العام، مما سيثير غضباً شعبياً.

وثانياً، بسبب حساسية العلاقات الدبلوماسية مع ترامب، حيث تتجنب الحكومة توجيه أي انتقاد مباشر للرئيس الأمريكي.

شكوك قانونية: خبراء القانون يشككون في نجاح دعوى المليار دولار

وفقاً لتحليل أجرته صحيفة الجارديان البريطانية، فإن التهديدات القانونية التي يلوح بها ترامب تحاط بـ «شكوك كبيرة» من قبل خبراء القانون في لندن.

ويؤكد الخبراء أن فرص نجاحه في كسب القضية ضئيلة للغاية في المحاكم البريطانية.

سوابق ترامب القانونية

يشير الخبراء إلى أن الرئيس الأمريكي «اعتاد رفع دعاوى مماثلة» ضد وسائل إعلام أمريكية ودولية دون أساس قانوني قوي في كثير من الأحيان.

غالباً ما تنتهي هذه القضايا بـ «تسويات خارج المحكمة»، والتي غالباً ما تتم لتجنب التوتر السياسي غير المرغوب فيه مع الإدارة الأمريكية أو شخصيات سياسية مؤثرة.

أجندة البرلمان: استعادة الثقة في الهيئة وتمويلها (زيادة تحليلية)

من المقرر أن تقدم الوزيرة ليزا ناندي بياناً مهماً أمام البرلمان البريطاني اليوم، لا يقتصر فقط على أزمة ترامب.

فجدول أعمال الوزيرة يشمل بحث «سبل استعادة الثقة» في مؤسسة «بي بي سي» التي تعتبر ركيزة إعلامية وطنية، بالإضافة إلى تأمين «نموذج تمويل مستقر» لها في المستقبل.

هذا التوقيت الحساس دفع حزب «ريفروم يو كيه» (Reform UK) لتصعيد دعواته بضرورة «إلغاء رسوم الترخيص الخاصة بالهيئة»، معتبراً أن الأزمات المتكررة تثبت عدم كفاءة النموذج التمويلي الحالي.

كما أن تعامل الحكومة مع تهديد ترامب يضعها أمام اختبار حقيقي لقدرتها على حماية مؤسساتها الوطنية دون الإضرار بعلاقاتها الخارجية.

الحكومة البريطانية، وهي تتجنب توجيه أي انتقاد مباشر لترامب، تبدو وكأنها تفضل «حل الأزمة عبر الاعتذار» كحل سريع، بدلاً من الدخول في نزاع قانوني قد يكون مكلفاً سياسياً ومالياً على المدى الطويل.

ويؤكد هذا الموقف أن الأزمة تجاوزت خطأ التحرير لتتحول إلى ملف سياسي ودبلوماسي بامتياز.

تأثير الأزمة على صورة الـ BBC الدولية

يُبرز تدخل وزيرة الثقافة البريطانية بشكل مباشر حجم الضرر الذي لحق بـ «صورة الـ BBC» ومصداقيتها الدولية.

فالهيئة، التي تُسوّق نفسها كنموذج للحياد والدقة، تتعرض الآن لهجوم من شخصية عالمية بارزة بخصوص «التلاعب بالمحتوى».

هذه الأزمة، التي جاءت بعد استقالات قيادية، تهدد بتقويض مكانة المؤسسة على الساحة العالمية، خاصة أن ترامب يستغل هذا الخطأ لإثبات ادعاءاته المستمرة بالتحيز الإعلامي.

وتخشى الحكومة أن يؤدي هذا النزاع إلى «تآكل الثقة» في الإعلام البريطاني ككل.

سياسة