مكتبة الإسكندرية تستضيف مبادرة «سر الصنعة» لدعم السيدات وتمكينهن اقتصاديا

في إطار دعم الحرف اليدوية والتمكين الاقتصادي للفئات الأكثر احتياجًا، استضافت مكتبة الإسكندرية، من خلال مركز دراسات المرأة والتحول الاجتماعي التابع لقطاع البحث الأكاديمي، فعاليات مبادرة «سر الصنعة» التي تنظمها مؤسسة حياة كريمة تحت مظلة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي وبالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي.
ورش تدريبية في صناعة الجلود والمكرميات
شهدت المبادرة تنظيم دورتين تدريبيتين متخصصتين في صناعة الجلود وفن المكرميات، استهدفتا تدريب 30 سيدة من الفئات الأكثر احتياجًا، وذلك ضمن مساعي المبادرة لتمكين النساء اقتصاديًا وتزويدهن بالمهارات الحرفية التي تؤهلهن لخلق فرص عمل ذاتية.
لم تقتصر الورش على الجانب الفني فقط، بل تضمنت أيضًا تدريب المشاركات على كيفية تسعير المنتجات وتسويقها، من أجل تعزيز قدرتهم على اقتحام سوق العمل وتحقيق الاستقلال المادي.
أهداف تنموية مشتركة
أكد القائمون على الفعالية أن هذا التعاون بين مكتبة الإسكندرية ومؤسسة حياة كريمة يجسّد شراكة استراتيجية تهدف إلى خدمة المجتمع، خاصة في ما يتعلق بالتنمية المستدامة، والتمكين المجتمعي، والعمل على رفع كفاءة العنصر البشري من خلال التعليم والتدريب والتأهيل.
وأشاروا إلى أن المبادرة تأتي في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى تحسين جودة حياة المواطنين في مختلف المحافظات، خاصة في القرى والمناطق الأكثر احتياجًا، من خلال تقديم الدعم الفني واللوجستي للمستفيدين من هذه المبادرات.
دعم الحرف التراثية
تحرص مكتبة الإسكندرية، من خلال مراكزها وبرامجها المختلفة، على دعم قطاع الحرف اليدوية والتراثية، إدراكًا منها لأهمية هذا القطاع على الصعيدين الاقتصادي والثقافي، حيث تسهم هذه الحرف في خلق فرص عمل جديدة، فضلًا عن كونها تمثل جانبًا مهمًا من الهوية الثقافية المصرية.
ويُعد الاهتمام بإحياء هذه الصناعات التراثية والحرف اليدوية من المحاور الأساسية في رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، والتي تسعى إلى دمج المرأة وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا، خاصة في المناطق الريفية والنائية.
تطوير المهارات وتأهيل لسوق العمل
وفي هذا السياق، تقدم مكتبة الإسكندرية مجموعة متنوعة من الأنشطة والبرامج التدريبية التي تهدف إلى تطوير المهارات الفنية والحرفية لدى مختلف الفئات العمرية، مع التركيز بشكل خاص على النساء والشباب.
وتشمل هذه البرامج ورشًا تدريبية في مجالات مثل: الخياطة، التطريز، الحلي، الريزن، الخزف، وصناعة العطور، وغيرها من الصناعات التي تلائم احتياجات السوق المحلية وتمكّن الأفراد من العمل الحر أو بدء مشاريع صغيرة.
كما تُقدّم المكتبة جلسات توعية خاصة بـريادة الأعمال وإدارة المشروعات الصغيرة، مما يمنح المتدربين رؤية شاملة عن كيفية تحويل المهارات اليدوية إلى مصدر دخل دائم، والتعامل مع التحديات التي قد تواجههم خلال رحلتهم المهنية.
التمكين الاقتصادي أولوية وطنية
في ضوء ما يشهده المجتمع المصري من تحولات اقتصادية واجتماعية متسارعة، بات التمكين الاقتصادي للمرأة من القضايا ذات الأولوية على أجندة الدولة، خاصة مع ما يفرضه سوق العمل من تحديات تتطلب اكتساب مهارات عملية تلبي احتياجات المرحلة.
ويؤكد هذا المشروع النموذجي، القائم بين مؤسسات المجتمع المدني والدولة، أن التكامل بين الجهات الحكومية ومؤسسات العمل الأهلي هو الطريق الأسرع نحو تحقيق التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية.
إشادة وتفاعل من المشاركات
حظيت الورش التدريبية التي قدمتها مبادرة «سر الصنعة» بتفاعل كبير من السيدات المشاركات، حيث أعرب العديد منهن عن تقديرهن لهذه الفرصة التي مكنتهن من اكتساب مهارات جديدة، مؤكدات رغبتهن في مواصلة التعلم والتطوير، وتحقيق دخل يساعدهن في توفير حياة كريمة لأسرهن.
وقالت إحدى المشاركات: «كنت أحلم بتعلم صناعة الجلود، لكن لم أكن أملك الإمكانيات، واليوم أنا ممتنة لكل من أتاح لنا هذا التدريب، وأتمنى أن أبدأ مشروعًا خاصًا قريبًا».
نموذج ناجح للتعاون المؤسسي
أثبتت هذه التجربة أن التعاون بين مكتبة الإسكندرية ومؤسسة حياة كريمة يمكن أن يُنتج نماذج ناجحة من المبادرات المجتمعية التي تحقق تأثيرًا فعليًا على الأرض، وتُعيد صياغة دور المؤسسات الثقافية لتكون أذرعًا تنموية فاعلة إلى جانب دورها الفكري والمعرفي.
ومن المتوقع أن يتم تعميم هذه المبادرة في محافظات أخرى خلال الفترة المقبلة، في إطار خطة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي لتوسيع قاعدة المستفيدين والوصول لأكبر عدد ممكن من المواطنين، خاصة في صعيد مصر والدلتا.