ما حكم الصلاة للحامل إذا تعذر الوقوف؟.. دار الإفتاء توضح

في زمن تكثر فيه التساؤلات حول أحكام «الصلاة» في ظروف خاصة مثل الحمل، ظهرت العديد من الفتاوى والاجتهادات التي قد تثير القلق لدى بعض النساء، خاصة في حالات الحمل المتقدم أو الحمل بتوأم، حيث يصبح الوقوف لفترات طويلة أمرًا بالغ المشقة، ومن هنا جاء توضيح دار الإفتاء المصرية لتطمئن كل سيدة مسلمة تواجه ظروفًا صحية حرجة أثناء أداء «الصلاة» المفروضة، إذ أن الدين الإسلامي قائم على «الرحمة» والتيسير لا التعسير، وهذا ما أكده الشيخ إبراهيم عبد السلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في تصريحاته التي جاءت لتضع النقاط فوق الحروف حول حكم «الصلاة» للحامل جالسة.
حكم «الصلاة» جالسة في حالة الحمل
أوضح الشيخ إبراهيم عبد السلام خلال ظهوره الإعلامي أن الفقه الإسلامي وضع ضوابط واضحة لحالات التخفيف في «الصلاة»، مشيرًا إلى أن الحامل إذا واجهت «مشقة» شديدة أو نصحها الطبيب بالامتناع عن الوقوف لفترة طويلة، فإن لها أن تُصلي وهي جالسة دون أن تأثم أو تُعيد، وذلك لأن «الصلاة» ركن من أركان الإسلام، ولكنها مبنية على الاستطاعة، وفي حال تعذر القيام التام، يسقط هذا الركن بوجود العذر الشرعي، وأضاف أن ما يؤكد صحة ذلك هو القاعدة الفقهية المعروفة «المشقة تجلب التيسير» وهي قاعدة عظيمة تقوم عليها كثير من الأحكام الشرعية.
قيام الحامل في الركعة الأولى فقط.. هل يكفي؟
طرحت إحدى السيدات سؤالًا مباشرًا على دار الإفتاء قالت فيه إنها حامل في توأم بعد انتظار طويل، وإنها تبدأ «الصلاة» في الركعة الأولى وهي واقفة ثم تُكمل باقي الركعات جالسة، وأعربت عن قلقها من أن تكون هذه الصورة غير صحيحة شرعًا، فأجاب أمين الفتوى بأن هذا الفعل جائز إذا ثبت أن الوقوف الكامل يسبب لها «ضررًا»، خاصة أن الحمل بتوأم يزيد من صعوبة الأمر، وتحديدًا في الشهور الأخيرة من الحمل التي يصعب فيها حتى الوقوف البسيط دون إرهاق أو دوخة أو ضغط زائد على الجسد، وأضاف أن «الصلاة» المفروضة لا تُسقط أركانها إلا إذا ثبت العذر يقينًا أو كان الضرر متوقعًا وفقًا لرأي طبي موثوق.
الرخصة الشرعية في «الصلاة» ليست مطلقة
أكد الشيخ إبراهيم عبد السلام أن التيسير في «الصلاة» لا يعني ترك الأركان بلا ضابط، بل إن الأمر يتطلب مراعاة الحالة الصحية مع الالتزام بما يمكن أداؤه، وأوضح أن الخوف وحده لا يكفي ليُجيز الجلوس في «الصلاة»، فلا بد أن يقترن الخوف بوجود ضرر محتمل أو مشقة واضحة، ومن ثم فإن الرخصة تكون مبنية على الموازنة بين القدرة الجسدية وواقع الحال، وأشار إلى أن القاعدة الفقهية «الميسور لا يسقط بالمعسور» تلزم الإنسان أن يؤدي ما يستطيع من أركان «الصلاة» ولا يُسقطها جميعًا لمجرد وجود عذر في بعضها، فإذا كانت المرأة الحامل قادرة على الركوع والسجود فيجب عليها فعلهما حتى وإن كانت تصلي من الجلوس.
كيف تصلي الحامل إذا عجزت عن الركوع أو السجود؟
في الحالات التي لا تتمكن فيها المرأة من الانحناء أو السجود نهائيًا، أو إذا كان هناك خطر على الجنين من الضغط أثناء السجود، فقد أجاز الشرع أن تؤدي السجود وهي جالسة من غير انحناء تام، بل بالإيماء بالرأس فقط، ويُراعى في هذه الحالة تقديم نية الخضوع والسكينة لله، وأكد أمين الفتوى أن هذا لا يُنقص من ثواب «الصلاة» في شيء ما دام العذر قائمًا، بل إن الله سبحانه وتعالى يُضاعف الأجر على قدر المشقة، وأضاف أن الحامل التي تصلي وهي تعاني مشقة أو تتبع تعليمات الطبيب تعد مأجورة بإذن الله، ولا يقع عليها أي إثم.
رسالة طمأنة من دار الإفتاء للحوامل
في ختام توضيحه، وجّه الشيخ إبراهيم عبد السلام رسالة مؤثرة للحوامل قائلاً إن «الصلاة» لا تسقط عن المسلم ما دام العقل حاضرًا، لكنها تخضع للتيسير في الأداء وفقًا للحالة الصحية، وأن الشريعة الإسلامية راعت أحوال الناس ووضعت ضوابط للترخيص والتيسير، خاصة في مثل هذه الحالات الخاصة التي تحتاج إلى دعم نفسي وروحي، كما دعا الشيخ الله عز وجل أن يتم لكل حامل حملها على خير، وأن يرزقها ولادة ميسرة وصحة وعافية، وأن يتقبل منها «الصلاة» وسائر الأعمال.
«الصلاة» جالسة لا تعني نقص الإيمان
بيّن الشيخ أن أداء «الصلاة» جلوسًا لا يدل على ضعف الإيمان أو قلة الحرص على العبادة، بل هو من تمام الحرص على تطبيق الشرع كما أمر الله، فالمرأة التي تعجز عن الوقوف أو السجود إنما تُنفذ أمر الله في حدود ما تستطيع، وأكد أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، مشيرًا إلى أن أهم ما يجب التركيز عليه هو أداء «الصلاة» بانتظام مهما كانت الظروف، لأن تركها بالكلية هو المرفوض، أما التيسير في الأداء فهو رحمة من الله.