جمع الصلوات بوضوء واحد بسبب البرد.. الإفتاء ترد
تلقت دار الإفتاء المصرية العديد من الأسئلة حول حكم جمع الصلوات بوضوء واحد بسبب البرد وحكم المسح على الكم أو الشراب أثناء الوضوء، في ظل موجات البرد الشديدة التي تشهدها البلاد يكثر تساؤل المواطنين حول الأحكام الشرعية المرتبطة بالصلاة والوضوء خاصة ما يتعلق بجمع الصلوات أو التخفيف في الوضوء بسبب انخفاض درجات الحرارة،، وهو ما دفع الإفتاء إلى توضيح الرأي الشرعي بشكل مفصل يرفع الحرج عن الناس ويبين حدود الرخص الشرعية وضوابطها.
الإفتاء توضح حكم جمع الصلوات بسبب البرد
أكدت «الإفتاء» أن الأصل في الصلاة هو أداؤها في وقتها المحدد شرعًا، إلا أن الشريعة الإسلامية جاءت برفع الحرج والتيسير على المكلفين، وأوضحت الإفتاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين الصلوات في غير سفر ولا مطر، وهو ما رواه الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنهما، وقد علل ابن عباس هذا الفعل بقوله «حتى لا يحرج أمته»، وهو ما يدل على أن الجمع بين الصلوات يجوز عند وجود مشقة أو حرج.
وأضافت الإفتاء أن جمع الصلاة بغير سفر أو مطر يجوز الأخذ به عند الحاجة والضرورة، بشرط ألا يتحول هذا الجمع إلى عادة دائمة أو أمر مستمر بلا سبب، فالرخصة تقدر بقدرها، ويجب أن يكون هناك سبب حقيقي يدعو إلى الجمع مثل المشقة الشديدة أو الظروف القهرية التي يصعب معها أداء كل صلاة في وقتها.
حالات يجوز فيها الجمع بين الصلوات
أشارت «دار الإفتاء» إلى أن من أمثلة الاضطرار الذي يبيح الجمع بين الصلوات، ما يتعرض له بعض الطلاب الذين تستمر محاضراتهم لفترات طويلة ولا يتمكنون من الخروج منها إلا بعد دخول وقت الصلاة التالية، وكذلك بعض العاملين في أعمال لا تسمح طبيعتها بأداء الصلاة في وقتها، مؤكدة أن هذه الحالات يدخلها رفع الحرج الذي جاءت به الشريعة.
وشددت الإفتاء على أن الجمع يكون بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء، ولا يجوز جمع الفجر مع غيرها، مع التأكيد على أن الجمع يكون تقديما أو تأخيرا بحسب ما تقتضيه الحاجة.
حكم الوضوء وجمع الصلوات بوضوء واحد
أوضحت الإفتاء أن الوضوء الواحد يكفي لأداء أكثر من صلاة ما دام لم ينتقض الوضوء، فلا حرج في أن يصلي المسلم أكثر من فرض بوضوء واحد، سواء في أوقات البرد أو غيرها، وهذا من يسر الشريعة وسماحتها، ولا يشترط تجديد الوضوء لكل صلاة ما دام الطهارة قائمة.
الإفتاء تحسم حكم المسح على الكم أثناء الوضوء
وفيما يتعلق بحكم المسح على الكم أو الملابس بسبب برودة الجو، أكدت «دار الإفتاء» المصرية أنه لا يجوز المسح على الكم أثناء الوضوء، ولابد من غسل الذراعين كما أمر الله سبحانه وتعالى، موضحة أن الرخصة في المسح وردت في أعضاء محددة فقط، وليس في جميع أعضاء الوضوء.
وقال الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء إن المسح رخص فيه الشرع في الرأس حيث يجوز للإنسان أن يبل يده وينفض الماء ثم يمسح رأسه، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على ناصيته وأكمل على العمامة، كما وردت الرخصة في المسح على الخفين، أما المسح على الملابس بدعوى البرد فلا يجوز شرعًا.
المسح على الشراب في الشتاء
من جانب آخر أوضحت «الإفتاء» حكم المسح على الشراب أو الجورب في فصل الشتاء، حيث قال الشيخ محمود شلبي أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء إن المسح على الجورب جائز عند جماهير العلماء، بشرط أن يكون الجورب قويًا يمكن المشي به، وأن يكون قد لبس على طهارة كاملة.
واستندت الإفتاء في ذلك إلى حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين»، وهو حديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه أهل العلم.
شروط المسح على الجورب
حددت «دار الإفتاء» عدة شروط لجواز المسح على الجورب، من بينها أن يكون الجورب طاهرًا، وأن يلبسه الإنسان بعد وضوء كامل، وأن يكون ساترًا لمحل الفرض أي مغطيًا للكعبين، وألا يكون مقطوعًا يظهر منه جزء من القدم، فإذا كان الجورب ممزقًا أو مكشوفًا فلا يصح المسح عليه.
وأكدت الإفتاء أن هذه الشروط تهدف إلى ضبط الرخصة الشرعية ومنع التوسع غير المشروع فيها، بما يحفظ هيبة العبادات وصحتها.
تؤكد الإفتاء في ختام توضيحاتها أن الشريعة الإسلامية قائمة على التيسير ورفع الحرج، لكنها في الوقت نفسه تضبط الرخص بضوابط شرعية واضحة، داعية المسلمين إلى الالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعدم الأخذ بالرخص دون تحقق أسبابها، حتى تكون العبادة صحيحة ومقبولة.



