الأحد 06 يوليو 2025 الموافق 11 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

ذكرى ميلاده.. الخليفة المستنصر بالله بين بريق الفن الإسلامي وقسوة «الشدة العظمى»

القارئ نيوز

تمر اليوم، 5 يوليو، ذكرى ميلاد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، أحد أبرز حكام الدولة الفاطمية، والذي وُلد عام 1029 ميلاديا، وتولى الحكم وهو لا يزال في الثامنة من عمره

وبينما يسجّل لعصره اكتمال كثير من ملامح الفن الإسلامي، فإن الشدة المستنصرية، أو ما عُرفت بـ«المجاعة العظمى»، تظل الحدث الأبرز الذي خيّم على عهده، وأدى لاحقًا إلى انهيار الدولة.

الخليفة الطفل.. وصعود مبكر إلى العرش

تولى المستنصر بالله الحكم بعد وفاة والده الخليفة الظاهر، ليُصبح أصغر من تقلّد الحكم في تاريخ الدولة الفاطمية. 

وكان عهده الأطول بين خلفاء الفاطميين، حيث امتد حكمه لما يزيد على 60 عامًا. 

وبالرغم من استمرارية الدولة في بداية عهده، فإن السنين التي أعقبت بلوغه الرشد شهدت اضطرابات سياسية واقتصادية متتالية، وضعت البلاد على حافة الانهيار.

العصر الذهبي للفن الإسلامي

رغم المحن، كان عصر المستنصر بالله يعد من أزهى العصور الفنية في التاريخ الإسلامي، حيث ازدهرت العمارة، وزينت المساجد والمدارس بالفنون والزخارف الفاطمية الدقيقة. 

وبلغت التحف الإسلامية قمة روعتها، وظهرت مهارات الفنانين المصريين في فنون الخط، والنقش، والخزف، والزجاج، مما جعل القاهرة في هذا العصر متحفًا مفتوحًا يعكس براعة وثراء حضاري لا يُضاهى.

الشدة المستنصرية.. سبع سنوات عجاف

لكن تلك البقعة المضيئة من التاريخ لم تستمر طويلًا. فبحسب ما ورد في كتاب «تاريخ الدولة الفاطمية» للمؤرخة الدكتورة إيناس محمد البهيجي، تعرضت البلاد لكارثة غير مسبوقة عُرفت بـ «الشدة المستنصرية»، والتي امتدت من سنة 457 هـ (1065م) إلى سنة 464 هـ (1071م)، واستمرت سبع سنوات متصلة.

بدأت الأزمة مع نقصان حاد في منسوب مياه النيل، مما تسبب في توقف الزراعة وغياب المحاصيل، وتزامن ذلك مع حالة من الفوضى السياسية وضعف قبضة الدولة على أقاليمها، تحولت المجاعة إلى كارثة إنسانية شاملة، وتدهورت أوضاع البلاد بشكل غير مسبوق.

رغيف بـ15 دينارا.. والناس تأكل القطط

أفاض المؤرخون في وصف ما جرى من ويلات خلال تلك السنوات، فقد تعذر وجود الأقوات تمامًا، وبلغت الأسعار مستويات خيالية، حتى أن الرغيف كان يباع بخمسة عشر دينارًا، واضطر الناس إلى أكل الكلاب والقطط، بل وورد في بعض المصادر أن الناس تناولوا جثث الموتى من شدة الجوع واليأس.

وبحسب المصادر التاريخية، كان يموت في مصر نحو عشرة آلاف شخص يوميًا بسبب الجوع والمرض، ولم يعد يرى أحد في الأسواق، وخلت الحقول من الفلاحين.

 وباع الخليفة المستنصر كل ما يملك، واضطرت والدته وبناته إلى مغادرة البلاد إلى بغداد، بينما عاش هو على مساعدات بعض رجال الدولة القادرين.

انهيار الدولة.. وسقوط السيادة

كان لهذه الشدة أثر بالغ على تفكك الدولة الفاطمية، فخلال تلك الفترة خرجت عدة ولايات من السيطرة الفاطمية. 

وقطعت الخطبة باسمه في مكة والمدينة عام 1070م، حيث خُطب للعباسيين بدلًا منه، في ضربة سياسية ومعنوية قاسية.

كما فقدت الدولة الفاطمية جزيرة صقلية لصالح النورمان سنة 1071م، بعد أن ظلت خاضعة لها لعقود.

 وتداعى النفوذ الفاطمي في الشام والمغرب، ليبدأ بذلك انحسار الدولة الفاطمية، بعد أن كانت أحد أقوى الكيانات الإسلامية في العصور الوسطى.

إرث متناقض بين المجد والخراب

ويظل عهد الخليفة المستنصر بالله أحد أكثر العصور تناقضا في التاريخ المصري، فقد تميز من جهة بالثقافة والفن والعمارة الإسلامية الراقية، ومن جهة أخرى مثل نموذجًا قاسيًا لانهيار الدولة نتيجة المجاعة وسوء الإدارة.

وفي ذكرى ميلاده، يبقى اسم المستنصر بالله محفورًا في ذاكرة التاريخ كحاكم عاصر الفن والمأساة، ورأى في حياته قمة المجد وبداية الانهيار.

تم نسخ الرابط