في أول زيارة رسمية للقاهرة.. السيسى يستقبل الرئيس اللبناني في قصر الاتحادية

في مشهد يعكس عمق العلاقات الأخوية بين مصر ولبنان، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم الاثنين، نظيره اللبناني جوزاف عون في قصر الاتحادية بالقاهرة، حيث أجريت مراسم استقبال رسمية عزف خلالها السلامان الوطنيان للبلدين، إيذانًا ببدء زيارة تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية مهمة على الصعيدين الثنائي والإقليمي.

اجتماع مغلق ومباحثات موسعة

وصرح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن اللقاء بين الرئيسين بدأ باجتماع مغلق، أعقبه جلسة مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين. 

تناولت المباحثات سبل تطوير التعاون الثنائي في عدة مجالات، من بينها الاقتصاد، والطاقة، والبنية التحتية، إلى جانب ملفات إعادة الإعمار في لبنان.

كما تم خلال اللقاء بحث مستجدات الأوضاع في المنطقة، وعلى رأسها الأزمات في سوريا ولبنان وفلسطين، في ظل ما تشهده المنطقة من تصعيد مستمر وتحديات متزايدة تهدد الأمن الإقليمي.

ترحيب مصري بالرئيس اللبناني

وفي مؤتمر صحفي مشترك عقب اللقاء، رحب الرئيس عبد الفتاح السيسى بنظيره اللبناني، مشيدًا بالعلاقات التاريخية التي تربط بين مصر ولبنان، ووصف الزيارة بأنها تجسد عمق الصداقة والتعاون بين البلدين والشعبين.

وقال الرئيس السيسى: «زيارة الرئيس جوزاف عون تأتى فى مرحلة دقيقة وظرف إقليمي شديد التعقيد، لتؤكد عمق العلاقات بين بلدينا وصلابتها على كافة المستويات»، مشيرًا إلى أن مصر ولبنان يمثلان نموذجًا للأخوة العربية الراسخة التي تتجاوز تقلبات الزمن.

دعم مصري كامل لاستقرار لبنان

أكد الرئيس السيسى، خلال كلمته، أن مصر تضع استقرار لبنان في مقدمة أولوياتها، مشددًا على أن القاهرة تقف إلى جانب الدولة اللبنانية في جهودها لإعادة الإعمار واستعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي.

كما أعرب عن استعداد مصر لتقديم خبراتها في مجالات البنية التحتية والطاقة والتعليم والصحة لدعم لبنان، مشيرًا إلى أهمية الحفاظ على وحدة الدولة اللبنانية ورفض أي محاولات للمساس بسيادتها أو تقسيمها.

وشدد السيسى على موقف مصر الثابت من رفض الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة ضد الأراضي اللبنانية، مطالبًا إسرائيل بالانسحاب الكامل من جميع المناطق المحتلة في جنوب لبنان، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 بشكل كامل ودون انتقائية.

القضية الفلسطينية في صلب المحادثات

وكان ملف غزة حاضرًا بقوة في المحادثات، حيث اتفق الرئيسان على ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على القطاع، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون قيود، بالإضافة إلى إطلاق سراح كافة الرهائن والأسرى.

كما شددا على رفض مصر ولبنان لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم العادلة، مؤكدين أن الحل العادل والشامل يقوم على أساس قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

ودعا السيسي المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه إعادة إعمار غزة، دون المساس بحقوق سكانها أو فرض حلول قسرية على الشعب الفلسطيني، مطالبًا بتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من بسط سيطرتها على القطاع.

الموقف من الأزمة السورية

وفيما يخص الملف السوري، أشار الرئيس السيسي إلى تطابق وجهات النظر مع نظيره اللبناني، حيث تم التأكيد على دعم وحدة سوريا وسلامة أراضيها ورفض أي ممارسات طائفية أو مشاريع تقسيم.

كما ندد الرئيسان بالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، داعين إلى انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجولان السوري المحتل، وضرورة احترام السيادة السورية.

وشدد الرئيسان على أهمية التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية، يضمن حقوق الشعب السوري، ويعزز جهود مكافحة الإرهاب والتطرف، ويحافظ على وحدة واستقلال سوريا.

السيسي.. مصر باقية إلى جانب لبنان

وفي ختام المؤتمر الصحفي، أكد الرئيس السيسي أن مصر ستظل إلى جانب لبنان الشقيق، قيادةً وشعبًا، وستواصل دعمها لكل الجهود الرامية إلى استعادة استقراره وتجاوز أزماته.

وقال السيسي: «نعمل معًا من أجل تعزيز علاقاتنا الثنائية في كافة المجالات، ليستعيد لبنان دوره العريق كمنارة للثقافة والتنوير في المشرق العربي».

كما أشاد الرئيس السيسي بالعلاقات التاريخية التي جمعت بين المصريين واللبنانيين على مر العصور، سواء في مجالات الفكر أو الفن أو الإعلام، داعيًا إلى استمرار هذا التواصل الثقافي والحضاري المشترك.