من دون كورتيزون.. خطوات آمنة لتحقيق حمل مستقر لمريضة الغدة الدرقية

الغدة الدرقية تلعب دورًا بالغ الأهمية في تنظيم عمل أجهزة الجسم المختلفة وخاصة خلال فترة الحمل حيث يؤثر اختلالها بشكل مباشر على صحة الأم والجنين لذلك فإن مريضة الغدة تحتاج إلى «رعاية خاصة» وتوجيهات دقيقة قبل وأثناء الحمل لتحقيق استقرار صحي دون اللجوء إلى أدوية مثل الكورتيزون الذي قد يسبب آثارًا جانبية غير مرغوبة في بعض الحالات وتكمن أهمية هذا الموضوع في إرشاد السيدات المصابات باضطرابات الغدة إلى خطوات طبيعية وآمنة تضمن لهن حملًا صحيًا ومستقرًا.
العلاقة بين الغدة الدرقية والحمل
تؤثر الغدة الدرقية على مستويات الهرمونات الأنثوية في الجسم كما تتحكم في عمليات الأيض وتنظيم حرارة الجسم ونمو الجنين وبالتالي فإن أي اضطراب في نشاط الغدة سواء كان فرطًا أو خمولًا قد يؤدي إلى صعوبات في الخصوبة أو مضاعفات خلال فترة الحمل مثل الإجهاض أو الولادة المبكرة لذلك فإن التشخيص المبكر والمتابعة الدقيقة لحالة الغدة يعد أمرًا بالغ الأهمية لكل سيدة تخطط للحمل أو تمر بهذه المرحلة.
لماذا يُفضل تجنب الكورتيزون؟
رغم أن الكورتيزون يستخدم أحيانًا كوسيلة للسيطرة على الالتهابات أو الاستجابة المناعية في بعض أمراض الغدة إلا أن الاعتماد عليه بشكل دائم خلال الحمل قد يشكل «خطرًا على الجنين» كما أنه قد يؤدي إلى ضعف في المناعة أو اضطراب في ضغط الدم أو زيادة في نسبة السكر لذلك يوصي الأطباء غالبًا بالبحث عن «بدائل آمنة» تعتمد على التوازن الهرموني والنظام الغذائي المناسب والمتابعة المنتظمة للحالة الصحية دون اللجوء إلى العلاجات القوية إلا عند الضرورة القصوى.
خطوات طبيعية وآمنة لتحقيق حمل مستقر
أول خطوة يجب على مريضة الغدة اتخاذها هي استشارة الطبيب المختص قبل البدء بمحاولة الحمل حيث يجب إجراء فحص لمستويات الهرمونات المتعلقة بالغدة الدرقية مثل TSH وT3 وT4 لتحديد مدى توازنها ثم تبدأ رحلة المتابعة والعلاج الخفيف إذا لزم الأمر لضبط تلك المستويات بشكل يناسب الحمل.
كما يُنصح بتناول مكملات حمض الفوليك قبل الحمل بمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر إذ يساهم في حماية الجنين من التشوهات العصبية وفي حال وجود نقص في عنصر «اليود» الذي تحتاجه الغدة لإنتاج هرموناتها يمكن تعويضه من خلال النظام الغذائي الغني بالمأكولات البحرية أو عبر مكملات بسيطة.
التغذية الداعمة لصحة الغدة خلال الحمل
يلعب النظام الغذائي دورًا محوريًا في دعم الغدة والحفاظ على استقرارها لذلك يجب التركيز على تناول الأطعمة الغنية بـ«السيلينيوم والزنك» مثل البيض والمكسرات والبقوليات والأسماك كما يجب تقليل الاعتماد على الأطعمة المصنعة أو التي تحتوي على نسب عالية من «الدهون المتحولة» لأنها تؤثر سلبًا على أداء الغدة.
من المهم أيضًا الحفاظ على «مستويات معتدلة من السكر في الدم» لأن التذبذب في الجلوكوز قد يؤثر على توازن الهرمونات بشكل عام والغدة بشكل خاص لذلك فإن تناول وجبات صغيرة ومنتظمة غنية بالألياف والبروتين يساهم في الحفاظ على الطاقة والتوازن.
النشاط البدني والنفسي عاملان مهمان
الراحة النفسية لها تأثير كبير على أداء الغدة لذلك يجب على مريضة الغدة خلال فترة الحمل أو قبلها محاولة تقليل التوتر من خلال تقنيات الاسترخاء مثل «التأمل أو اليوغا» كما أن النشاط البدني المعتدل يساعد في تحسين الدورة الدموية وتحفيز الغدة على العمل بشكل طبيعي.
يمكن للمشي اليومي لمدة نصف ساعة أن يعزز من الشعور بالراحة ويساعد في تنظيم الوزن الذي قد يكون عاملاً مؤثرًا في اضطرابات الغدة والحمل معًا.
المتابعة الدورية تضمن الاستقرار
لا يمكن الحديث عن استقرار الحمل دون التأكيد على أهمية المتابعة الطبية المستمرة حيث يجب على مريضة الغدة إجراء تحاليل دورية لمراقبة الهرمونات الخاصة بالغدة طوال فترة الحمل وتعديل الجرعة العلاجية إن لزم الأمر وذلك لتفادي أي مضاعفات قد تؤثر على صحة الأم أو الجنين.
قد تتطلب بعض الحالات رفع جرعة الهرمون البديل في الشهور الأولى من الحمل نظرًا لزيادة حاجة الجسم لهذا الهرمون لدعم نمو الجنين بشكل طبيعي.
هل يمكن تحقيق حمل طبيعي دون أدوية قوية؟
نعم يمكن لمريضة الغدة تحقيق حمل مستقر وطبيعي دون الاعتماد على الكورتيزون إذا كانت الحالة خفيفة أو متوسطة وتم اكتشافها مبكرًا وتم الالتزام بـ«نمط حياة صحي» يشمل التغذية الجيدة والنوم الكافي والرياضة والمتابعة الطبية الدقيقة والالتزام بالجرعات الدوائية الخفيفة المقررة من قبل الطبيب فقط دون اللجوء إلى العلاجات القوية التي قد تؤثر على نمو الجنين أو تضعف مناعة الأم.
الغدة ليست عائقًا.. بل مسؤولية صحية
في النهاية لا ينبغي النظر إلى مشاكل الغدة كعائق أمام الحمل بل كحالة صحية تحتاج إلى «وعي وانتباه» واتخاذ القرارات الصحيحة في التوقيت المناسب إذ يمكن من خلال الالتزام بالنصائح الطبيعية والمتابعة المنتظمة تجنب الكثير من المشكلات وتحقيق حلم الأمومة بكل أمان وسلام دون تعريض الجسم لمخاطر الكورتيزون أو غيره من الأدوية القوية غير الضرورية في معظم الحالات.