نبيل أبوالياسين: تصريحات نتنياهو التوسعية تشعل الغضب العربي .. إدانات أم مواجهة؟

الخميس 14/أغسطس/2025 - 01:23 ص

في صمت ثقيل، تتوالى الأحداث لتُنبئ عن مرحلة جديدة من التوتر والتهديدات في المنطقة، وما هي إلا بضعة أيام حتى يخرج علينا بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، بتصريحات مثيرة للجدل، لا بل مدوية ومستفزة، أعادت إلى الأذهان أطماع التوسع الإسرائيلية التي لطالما كانت كابوسًا يلاحق الدول العربية.

فبكلمات مدروسة ورمزية توراتية، أكد نتنياهو على تمسكه برؤية «إسرائيل الكبرى»، التي تشمل أراضٍ عربية ذات سيادة.

تصريحات لم تكن مجرد زلة لسان، بل رسالة واضحة وصريحة، أطلقت العنان لموجة من الإدانات والاستنكارات العربية، لكن هل هذه الإدانات كافية لردع طموحاته التوسعية؟

جامعة الدول العربية تدق ناقوس الخطر

لم تتأخر جامعة الدول العربية في الرد على تصريحات نتنياهو، حيث أصدرت بيانًا شديد اللهجة، أدانت فيه هذه التصريحات التي وصفتها بالخطيرة.

وذكرت الأمانة العامة للجامعة أن هذه الأقوال تمثل تهديدًا صريحًا للأمن القومي العربي الجماعي، وتحديًا سافرًا للقانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية.

كما أكدت أن هذه التصريحات «تُعبّر عن عقلية متطرفة غارقة في أوهام استعمارية»، لا يمكن القبول بها أو التسامح معها.

إن هذا الموقف الموحد من الجامعة العربية، وإن كان خطوة هامة، يُعد ناقوس خطر يدق ليُنبّه إلى أن الطموحات الإسرائيلية التوسعية لم تمت، بل تتجدد بأشكال مختلفة.

وقد دعت الجامعة المجتمع الدولي، ممثلًا في مجلس الأمن، للتدخل والقيام بمسؤولياته تجاه هذه التصريحات التي تُهدد استقرار المنطقة.

ردود فعل عربية حاسمة.. الأردن، السعودية وقطر

على المستوى الإقليمي، جاءت ردود الفعل من الدول العربية سريعة وحاسمة. فقد أدانت وزارة الخارجية الأردنية تصريحات نتنياهو واعتبرتها تهديدًا خطيرًا لسيادة الدول ومخالفة صريحة للقانون الدولي.

وأكدت الوزارة أن هذه «الأوهام العبثية» لن تنال من الأردن أو الدول العربية، مشددة على أن هذه التصريحات والممارسات تعكس وضعًا مأزومًا للحكومة الإسرائيلية وتزايدًا في عزلتها الدولية.

كما أدانت المملكة العربية السعودية وقطر تصريحات نتنياهو، وشددتا على رفضهما التام للأفكار والمشاريع الاستيطانية والتوسعية التي يتبناها الاحتلال.

وتؤكد هذه المواقف الجماعية على أن هناك خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، وأن أي محاولة للمساس بسيادة الدول العربية ستواجه برفض قاطع وإدانات قوية.

البيانات لا تكفي.. قطع العلاقات واجبٌ وجودي

رغم أهمية الإدانات العربية، فإن اللحظة تتطلب تحولاً جذرياً: تصريحات نتنياهو التوسعية - التي هدَّدت صراحةً باحتلال أراضٍ عربية - ليست مجرد استفزاز، بل إعلان حرب على السيادة العربية.

لا يجوز مواجهتها ببياناتٍ تبرد غضب الشارع، بينما يتم التعامل مع الكيان الغاصب كشريك! لقد شجَّع الصمتُ العربي خلال عامَي الإبادة نتنياهو على التمادي.

اليوم، قطع العلاقات مع الاحتلال واجبٌ تستحقه دماء غزة، وهو الاختبار الحقيقي لصدق الأنظمة أمام شعوبها وتاريخها.

تأثيرات داخلية وخارجية.. رسالة نتنياهو المُشفرة

لم تكن تصريحات نتنياهو مجرد كلمات عابرة، بل كانت جزءًا من خطة إعلامية مُحكمة.

فخلال مقابلة تلفزيونية، ظهر نتنياهو وهو يتحدث عن «مهمته التاريخية والروحانية» ورؤيته لـ «إسرائيل الكبرى».

لم يكتفِ بذلك، بل كان المشهد مصممًا بعناية، حيث كانت الكاميرا موجهة نحو خريطة تُظهر المناطق التي يطمع فيها اليمين الإسرائيلي المتطرف، كما تلقى إهداء قلادة تحمل خريطة «أرض الميعاد» بحدودها التوراتية.

هذه الرسائل الرمزية لم تكن موجهة فقط للعالم العربي، بل أيضًا لليمين الإسرائيلي المتطرف بهدف تعزيز موقفه.

وكما يرى بعض المحللين، فإن هذه الرسائل تكشف أن «حلم إسرائيل الكبرى» لا يزال حيًا، وأنه يتحول من مجرد حلم ديني إلى خطة عمل سياسية وعسكرية واقتصادية، تهدف إلى فرض هيمنة إقليمية على المنطقة بأكملها.

من الإدانة إلى المواجهة.. ٣ خطوات عربية لا مفر منها

لا تكفي البيانات الدبلوماسية لردع أحلام التوسع الصهيوني. أمام العرب مساران: المسار الأول: تحريك مجلس الأمن: تقديم مشروع قرار يُجرم التصريحات التوسعية كتهديد للسلم الدولي «باستخدام الفصل السابع».

المسار الثاني : مقاضاة نتنياهو: في المحكمة الجنائية بتهمة التحريض على انتهاك سيادة الدول «كما حدث مع ميلوسيفيتش».

المسار الثالث : ردود فعل ملموسة: سحب السفراء + تجميد اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني.
التاريخ يُعلّمنا: أوهام التوسع تُسقط فقط عندما تتحول الكلمات إلى أفعال.