روبيو.. سوريا على شفا حرب أهلية.. ورفع العقوبات خطوة حاسمة لإنقاذ البلاد

حذر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، من أن سوريا قد تكون على بُعد أسابيع فقط من اندلاع حرب أهلية شاملة، في حال لم تُتخذ خطوات عاجلة لدعم عملية الانتقال السياسي، مؤكدًا أن قرار الإدارة الأمريكية برفع العقوبات المفروضة على دمشق يمثل تحولًا محوريًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ويأتي في إطار سعيها لمنع تفكك الدولة السورية.
وخلال جلسة استماع عُقدت اليوم الثلاثاء أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، أوضح روبيو أن القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع جميع العقوبات، بما في ذلك تلك المدرجة في قانون قيصر، يهدف بالدرجة الأولى إلى تمكين الحكومة الانتقالية في سوريا من تولي زمام الأمور، وتحقيق الاستقرار الداخلي، بعد أكثر من 13 عامًا من الصراع الدموي.
وأشار الوزير الأمريكي إلى أن سوريا تقف الآن على مفترق طرق مصيري، وأن الدعم الدولي للحكومة الانتقالية بات أمرًا لا يحتمل التأجيل، محذرًا من أن استمرار الوضع الراهن قد يؤدي إلى انفجار جديد يعمق المعاناة الإنسانية ويدفع بموجات نزوح جديدة نحو دول الجوار.
توحيد القوى وتحسين الاقتصاد
وأوضح روبيو أن رفع العقوبات المفروضة على سوريا سيسمح للحكومة الانتقالية بتوحيد القوات العسكرية والفصائل المسلحة تحت مظلة وطنية واحدة، ما سيُسهم بشكل مباشر في تعزيز قدرتها على التصدي للتحديات الأمنية والاقتصادية المتفاقمة.
وأضاف أن الحكومة الانتقالية بحاجة إلى حرية في الحركة والتعامل الاقتصادي مع العالم الخارجي، من أجل بناء مؤسسات دولة فعّالة، واستعادة الخدمات الأساسية، وتحفيز عجلة الإنتاج والاستثمار.
وقال روبيو: «لا يمكن أن نطلب من حكومة ناشئة أن تنجح بينما نكبلها بعقوبات خانقة».
ولفت إلى أن التحسن المتوقع في الاقتصاد السوري نتيجة رفع العقوبات سيترك أثرًا إيجابيًا مباشرًا على دول الجوار، لا سيما لبنان، عبر زيادة التعاون في مجالات حيوية مثل الطاقة والنقل والتجارة، وهو ما يُسهم في تهدئة التوترات الإقليمية ويعزز من فرص الاستقرار المستدام في المنطقة.
لقاء تاريخي بين روبيو والشيباني
وفي سياق التحرك الدبلوماسي المتسارع، كشف موقع «أكسيوس» الأمريكي عن لقاء رفيع المستوى جمع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بنظيره السوري أسعد الشيباني، وذلك على هامش اجتماع في مدينة أنطاليا التركية.
ويُعد هذا اللقاء الأول من نوعه منذ أكثر من 15 عامًا، ما يعكس تطورًا ملموسًا في مسار العلاقات بين واشنطن ودمشق.
ووفقًا لما ذكرته المصادر، فقد بحث الطرفان سبل تطبيع العلاقات الثنائية، وتقديم الدعم الفني والسياسي للحكومة الانتقالية، كما ناقشا آليات التعاون في ملفات الأمن الإقليمي، وعودة اللاجئين، وإعادة الإعمار، بما يضمن حماية وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة.
وفي تصريحات صحفية أعقبت الاجتماع، رحب الشيباني بالقرار الأمريكي واصفًا إياه بـ«الخطوة الإيجابية والشجاعة» التي من شأنها أن تُعيد الأمل إلى ملايين السوريين، وتفتح آفاقًا جديدة أمام مرحلة البناء والاستقرار.
مشاورات إقليمية ودعم عربي
وأشار وزير الخارجية الأمريكي إلى أن قرار رفع العقوبات لم يكن مفاجئًا، بل جاء ثمرة مشاورات إقليمية مكثفة مع عدد من قادة الدول المؤثرة في الملف السوري، وفي مقدمتهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اللذين أبديا دعمًا واضحًا للتحرك الأمريكي وأكدا على أهمية منح الحكومة الانتقالية السورية الفرصة الكاملة لإنجاز مهامها.
ووفقًا لما نقلته وكالة «رويترز»، فإن القيادة الأمريكية تسعى لتنسيق الجهود مع الشركاء الإقليميين والدوليين بهدف إعادة إدماج سوريا في النظام الدولي، بعيدًا عن النفوذ الإيراني والتدخلات الروسية التي عطلت مسار الحل السياسي لسنوات.
تحول كبير في سياسة واشنطن
ويُعد قرار رفع العقوبات تحولًا جذريًا في الموقف الأمريكي من الأزمة السورية، حيث لطالما ارتكزت السياسة الأمريكية خلال السنوات الماضية على مبدأ العقوبات كأداة للضغط على النظام السوري وداعميه، في ظل انتهاكات حقوق الإنسان وتداعيات الحرب.
لكن، بحسب محللين سياسيين، فإن إدارة ترامب رأت في هذه المرحلة أن العزلة الاقتصادية لم تُثمر عن نتائج ملموسة، بل زادت من معاناة الشعب السوري، وأعاقت فرص التغيير السلمي، ما دفع إلى تبني نهج جديد أكثر مرونة، يقوم على الانخراط الدبلوماسي والدعم المشروط.
ويأمل مراقبون أن يؤدي هذا التغير في السياسة الأمريكية إلى فتح صفحة جديدة في الأزمة السورية، تُمهد لإطلاق عملية سياسية شاملة برعاية دولية، وتُعيد الأمل إلى السوريين بعد أكثر من عقد من الحرب والدمار.